هذا وقد ذكر السيّد الأستاذ قدسسره في مقدّمة المعجم كيفيّة اخرى للاستدلال على المدّعى ، وحاصلها : انّ النجاشي إنّما لم يرو عن هؤلاء الأشخاص الذين ضعّفوا كما يستفاد ذلك من الموارد المذكورة ، استنادا لتضعيف شيوخه لهم ، بل لأنّهم ضعاف في الواقع ، إذ لا واسطة بين الضعيف الواقعي وبين الثقة.
وبعبارة اخرى : انّ الضعيف من هؤلاء لو كان ضعفه بحسب الظاهر لأمكن تصوّر الواسطة بين الضعيف والثقة ، وهو مجهول الحال ، اما إذا كان الضعف بحسب الواقع فلا واسطة حينئذ ، والنجاشي لم يرو عنهم لضعفهم واقعا لا ظاهرا ، وتضعيف شيوخه لهؤلاء ليس له موضوعية عنده ، وإنّما هو طريق إلى الضعف الواقعي (١).
ولكن هذا الاستدلال غير تامّ ، وذلك لأنّا لو سلّمنا عدم مدخلية تضعيف مشايخ النجاشي لهؤلاء ، بل هو طريق للواقع ، الا أنّ هذا هل يستلزم انّ النجاشي لا يروي إلّا عن ثقة؟
الحقّ أنه لا يستلزم ذلك ، نعم المتيقّن من النجاشي انّه لا يروي عمّن علم ضعفه ، اما أنّ اللازم من ذلك روايته عن الثقة فقط فلا.
فالاستدلال بما ذكره السيد الاستاذ قدسسره غير تامّ ، والمستفاد من الموارد المذكورة ، انّ النجاشي لا يروي عمّن علم ضعفه من طريق مشايخه ، وأمّا من لم يعلم ، فلا دليل على عدم روايته عنه ، وإن كان في الواقع ضعيفا.
والخلاصة أنّ هذا الدليل لا ينهض بإثبات المدّعى.
الثاني : ما يستفاد من كلام النجاشي وتصريحه بأنّه لا يروي عن المشايخ الذين ذكر في حقّهم نوع تهمة أو غمز ، فإنّه يتجنّب الرواية عنهم ، وفي هذا دلالة
__________________
(١) معجم رجال الحديث ج ١ ص ٥٠ الطبعة الخامسة.