وأمّا الاحتمال الثالث ، فهو المتعيّن ، بعد سقوط الاحتمالين الاولين ، فلا بدّ من ملاحظة توفّر شرائط الشهادة في أقوال الرجاليّين ، من كونها عن حسّ ، وان يكون الرجالي عادلا أو ثقة ، لا من جهة اعتبار التعدّد لأنه شرط خاص في بعض الموارد لا في جميعها وهي مختلفة ، ففي بعضها يثبت بأربعة ، وفي بعضها باثنين. فالأصل المستفاد من الأدلة المتقدمة التي أشرنا إليها هو اعتبار قول الشخص الواحد إذا كان جامعا لشرائط الحجية بلا فرق بين الاحكام والموضوعات.
بقي أمور لا بد من الاشارة إليها :
الامر الاول : هل تكفي وثاقة الراوي؟ أم لا بد من انضمام حصول الظن الشخصي؟
ذهب بعضهم (١) الى اعتبار الانضمام ، والظاهر عدمه ، لاطلاق الأدلّة ، وعدم تقييدها بحصول الظن الشخصي ، والتقييد هو المحتاج الى الدليل.
ومما يؤكّد ما ذهبنا اليه ، جريان السيرة العقلائيّة على ذلك ، حيث إنهم يعملون بخبر الثقّة مطلقا ، سواء أفاد الظن اولا ، فلو أخبر الثقة بأمر مّا ولم يرتّب السامع أثرا على ذلك محتجّا بعدم حصول الظن باخباره ، فللمولى أن يعاقبه ويحتجّ عليه كما ان للعبد أن يحتجّ على مولاه فيما إذا رتب الأثر باطلاق خبر الثقة ، أفاد ظنا شخصيّا أم لم يفد.
الأمر الثاني : هل أنّ شهادة الرجاليين عن حسّ أو حدس واجتهاد؟
والصحيح انّها من باب الاخبار عن حسّ ، لا من باب الاجتهاد والحدس ،
__________________
(١) مصباح الاصول ج ٢ الطبعة الاولى النجف الاشرف ص ٢٤٠.