وأما من يقول : (ضربيك) فإنه يحمله على (ضربتك) حين اتصل به ضمير الفاعل والمفعول ، و (ضربيك) مصدره ، والياء فيه كالتاء في المعنى.
ومن قال : (ضربي إياك) حمله على ما ذكرناه من مخالفة المصدر للفعل في اتصال الضمير به.
ومما يجوز فيه الضمير المتصل والمنفصل كنايات أخبار كان وليس وأخواتهما ، والأكثر في كلام العرب ، والاختيار عند النحويين في ذلك ، الضمير المنفصل كقولك : (أتاني القوم ليس إياك) ، و (أتوني) لا يكون إياه).
وقال عمر بن أبي ربيعة :
لئن كان إياه لقد حال بعدنا |
|
عن العهد والإنسان قد يتغير (١) |
وقال أيضا :
ليت هذا الليل شهر |
|
لا نرى فيه عريبا |
ليس إيّاي وإيّا |
|
ك ولا نخشى رقيبا |
وإنما كان الاختيار في ذلك الضمير المنفصل لعلل ثلاث منها : أنّ كان وأخواتها أفعال دخلت على مبتدإ وخبر ، فأما الاسم المخبر عنه فإنّ ضميره يتصل ؛ لأنه بمنزلة فاعل هذه الأفعال ، والاسمية له لازمة ، ويصير مع الفعل كشيء واحد ، وتغير بنيته له ، وأما الخبر فقد يكون فعلا ، وجملة ، وظرفا غير متمكن. فلما كانت هذه الأشياء لا يجوز إضمارها ولا تكون إلا منفصلة من الفعل اختير في الخبر الذي يمكن إضماره ـ إذا أضمر ـ أن يكون على منهاج ما لا يضمر من الأخبار في الخروج عن الفعل.
ومنها : أنّ الاسم والخبر كلّ واحد منهما منفصل من الآخر غير مختلط به ، فإذا وصلنا ضمير الخبر جاز مع ضمير الخبر أن تضمر الاسم ، لأنه هو الأصل في الإضمار ، فإذا اجتمع الضميران في الفعل كقولك : (كنتك) ، و (إن زيدا كانه) لم ينفصل الخبر من الاسم واختلط به.
ومنها أنّا لو وصلنا الخبر بضمير الاسم فقلنا : (كنتك) ، و (كانك زيد) ، و (كانني عمرو) والفاعل والمفعول في هذه الأفعال كشيء واحد ؛ لأنهما اسم وخبر ، فإما أن يكون أحدهما هو الآخر أو مشبّها به مجعولا بمنزلته ، وفعل الفاعل لا يتعدى إلى نفسه متصلا ، ويتعدى إلى نفسه منفصلا ، لا يجوز (ضربتني) ، ولا (ضررتني) ، وتقول : إياي ضررت ،
__________________
(١) البيت في ديوانه ٥٤ ؛ والخزانة ٥ / ٣١٢ ، ٣١٧ ؛ ٧ / ٣٩٧ ، ٣٩٨.