القسم ، ويبقى جوابه له ؛ كقولك : لئن أتيتني لآتينك ، ولئن زرتني لا أترك زيارتك ؛ لأن لفظ جواب القسم قد دل على القسم المحذوف ، فإذا تقدّم القسم شيء ثم أتى بعده المجازاة ، اعتمدت المجازاة على ذلك الشيء ، وألغي القسم ، كقولك : إنا والله إن تأتني لا آتك ، اعتمد إن تأتني لا آتك على (أنا) كأنه ليس بعده القسم ، ألا ترى أنك تقول : زيد والله منطلق ، ولو قلت : والله لزيد منطلق لزمته اللام ، ومثله (إذا) إذا تقدّمت على القسم عملت ، واعتمد الفعل عليها ، كقولك : إذا والله أكرمك ، وإذا والله لأكرمك ، وإن تقدّم اليمين اعتمد الفعل عليها كقولك : والله إذا لأكرمنّك ، وو الله إذا لأكرمك ، وأما بيت الفرزدق قوله :
وأنتم لهذا الناس كالقبلة التي |
|
بها أن يضلّ الناس يهدي ضلالها (١) |
فتقديره : التي بها يهدى الضال عنها ، والهاء في ضلالها ترجع إليها ، وأن يضل الناس هو السبب الذي جعل الهدى من أجله ، وقد مضى الكلام في نحوه ، وباقي الباب مفهوم.
هذا باب ما يرتفع بين الجزمين وينجزم بينهما
فأما ما يرتفع بينهما فقولك : إن تأتني تسألني أعطك وإن تأتني تمشي أمش معك ، وذلك لأنك أردت أن تقول : إن تأتني سائلا يكن ذلك ، وإن تأتني ماشيا فعلت ، وقال زهير :
ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه |
|
ولا يغنها يوما من الذمّ يذمم (٢) |
إنما أراد : من لا يزل مستحملا يكن من أمره كذا وكذا ، ولو رفع يغنها جاز وكان حسنا ، كأنه قال : من لا يزل لا يغني نفسه ومما جاء أيضا مرتفعا قول الحطيئة :
متى تأته تغشو إلى ضوء ناره |
|
تجد خير نار عندها خير موقد (٣) |
وسألت الخليل عن قوله :
متى تأتنا المم بنا في ديارنا |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (٤) |
قال : تلمم بدل من الفعل الأول ، ونظيره من الأسماء :
مررت برجل عبد الله ، فأراد أن يفسّر الإتيان بالإلمام ، كما فسّر الاسم الأول
__________________
(١) البيت سبق تخريجه.
(٢) البيت في ديوانه ٣٢ ، الكتاب ٣ / ٨٥ ؛ المقتضب ٢ / ٦٥.
(٣) البيت منسوب للأعشى في ديوانه ٥١ ، ابن يعيش ٢ / ٦٦ ؛ الكتاب ٣ / ٨٦.
(٤) البيت منسوب للحطيئة ، ابن يعيش ٧ / ٥٣ ؛ الكتاب ٣ / ٨٦.