المقامات والكرامات سيدي محمد بن أبي بكر الدلائي (١) ، يحييكم ، ويعظم قدركم ، ولسانه لكم ذاكر ناشر شاكر ، وهو على خير ، وقد اجتمعت عليّ من بركتكم في مدينة سلا جماعة من طلاب العلم وفتح الله تعالى علي بتآليف عديدة منها «كفاية الطالب النبيل ، في حل ألفاظ مختصر خليل» ومنها شرح على المنهج المنتخب للزّقّاق في قواعد مالك ، ومنظومة في أكثر من ألف بيت في السير والشمائل ، ومنها في رجال البخاري ولا كنسج (٢) الكلاباذي ، ومنها خطب ، وغير ذلك ، والكل من بركتكم ، ونسبته إليكم في صحيفتكم ، والسلام من ولدكم المقر بفضلكم تراب نعالكم علي بن عبد الواحد الأنصاري ، لطف الله تعالى به ، وحامله كبير كبراء قومه ممن يحبكم ويعزكم (٣) وما تفعلوا معه خير فلن تكفروه ، والسلام ، انتهى.
ومنها كتاب وافاني من علم قسنطينة (٤) وصالحها وكبيرها ومفتيها سلالة العلماء الأكابر ، ووارث المجد كابرا عن كابر ، المؤلف العلامة سيدي الشيخ عبد الكريم الفكّون حفظه الله ، نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على من أنزل عليه في القرآن (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)) [القلم : ٤] وآله وصحبه وسلم أفضل التسليم ، من مدنّس الإزار ، المتسربل بسرابيل الخطايا والأوزار (٥) ، الراجي للتنصل منه رحمة العزيز الغفار ، عبد الله عبد الكريم بن محمد الفكون ، أصلح الله بالتقوى حاله! وبلغه من متابعة السنة النبوية آماله! إلى الشيخ الشهير ، الصدر النحرير ، ذي الفهم الثاقب والحفظ الغزير ، الأحبّ في الله المؤاخي من أجله سيدي أبي العباس أحمد المقري ، أحمد الله عاقبتي وعاقبته! وأسبل على الجميع عافيته! أمّا بعد فإني أحمد الله إليك ، وأصلي على نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا أريد إلا صالح الدعاء وطلبه منكم ، فإني أحوج الناس إليه ، وأشدهم في ظني إلحاحا عليه ، لما تحققت من أحوال نفسي الأمّارة ، واستبطنت من دخيلائها المثابرة على حب الدنيا الغرّارة ، كأنها عميت عن الأهوال ، التي أشابت رؤوس الأطفال ، وقطعت أعناق كمل الرجال ، فتراها في لجج هواها حائضة ، وفي ميدان شهواتها راكضة ، طغت في غيها وما لانت ، وجمحت فما انقادت ولا استقامت ، فويلي
__________________
(١) نسبة إلى زاوية الدلاء ، وهي زاوية أسسها أبو بكر محمد المجاطي ، وكان لها دور كبير في تاريخ المغرب سياسيا ودينيا وعلميا.
(٢) في ب : «كنسخ» ...
(٣) في ب : «ويعرفكم وما تفعلوا».
(٤) في ب ، ه : «قسمطينة».
(٥) الأوزار : جمع وزر : وهو الذنب.