أخا العقل يدري ما يراد من الهوى |
|
أمنت عليه من رقيب ومن صدّ |
وقالوا الورى قسمان في شرعة الهوى |
|
لسود اللحى ناس وناس إلى المرد |
ألا إنني لو كنت أصبو لأمرد |
|
صبوت إلى هيفاء مائسة القدّ |
وسود اللحى أبصرت فيهم مشاركا |
|
فأحببت أن أبقى بأبيضهم وحدي |
وأنشدني من لفظه لنفسه : [بحر الطويل]
ألا إن ألحاظا بقلبي عوابثا |
|
أظنّ بها هاروت أصبح نافثا (١) |
إذا رام ذو وجد سلوّا منعنه |
|
وكنّ على دين التصابي بواعث |
وقيدن من أضحى عن الحب مطلقا |
|
وأسر عن للبلوى بمن كان رائثا (٢) |
بروحي رشا من آل خافان راحل |
|
وإن كان ما بين الجوانح لابثا |
غدا واحدا في الحسن للفضل ثانيا |
|
وللبدر والشمس المنيرة ثالثا |
وأنشدني لنفسه ، ومن خطه نقلت : [بحر الطويل]
أسحر لتلك العين في القلب أم وخز |
|
ولين لذاك الجسم في اللمس أم خز |
وأملود ذاك القدّ أم أسمر غدا |
|
له أبدا في قلب عاشقه هز (٣) |
فتاة كساها الحسن أفخر حلة |
|
فصار عليها من محاسنها طرز |
وأهدى إليها الغصن لين قوامه |
|
فماس كأن الغصن خامره العز |
يضوع أديم الأرض من نشر طيبها |
|
ويخضرّ من آثار تربتها الجرز (٤) |
وتختال في برد الشباب إذا مضت |
|
فينهضها قدّ ويقعدها عجز |
أصابت فؤاد الصب منها بنظرة |
|
فلا رقية تجدي المصاب ولا حرز |
وأنشدني إجازة في مليح أبرص ، ومن خطه نقلت : [بحر الطويل]
وقالوا الذي قد صرت طوع جماله |
|
ونفسك لاقت في هواه نزاعها |
به وضح تأباه نفس أولي النهى |
|
وأفظع داء ما ينافي طباعها (٥) |
__________________
(١) نفث : سحر ، والنافث : الساحر.
(٢) راث يرث ريثا : أبطأ. والرائث : المبطىء.
(٣) الأملود : الناعم اللين من الناس والغصون. والأسمر : الرمح.
(٤) الأرض الجرز : الأرض التي لا تنبت.
(٥) الوضح ، هنا : البرص.