سلطان علم النحو أستاذنا الش |
|
يخ أثير الدين حبر الأنام (١) |
فلا تقل زيد وعمرو ، فما |
|
في النحو معه لسواه كلام |
خدم هذا العلم مدّة تقارب الثمانين ، وسلك من غرائبه وغوامضه طرقا متشعبة الأفانين ، ولم يزل على حاله إلى أن دخل في خبر كان ، وتبدّلت حركاته بالإسكان ، وتوفي رحمه الله تعالى بمنزله خارج باب البحر بالقاهرة في يوم السبت بعد العصر الثامن والعشرين من صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة ، ودفن من الغد بمقبرة الصوفية خارج باب النصر ، وصلي عليه بالجامع (٢) الأموي بدمشق صلاة الغائب في شهر ربيع الآخر ، ومولده بمدينة مطخشارش (٣) في أخريات شوال سنة أربع وخمسين وستمائة.
وقلت أنا أرثيه رحمه الله تعالى : [بحر السريع]
مات أثير الدين شيخ الورى |
|
فاستعر البارق واستعبرا (٤) |
ورق من حزن نسيم الصبا |
|
واعتل في الأسحار لمّا سرى (٥) |
وصادحات الأيك في نوحها |
|
رثته في السجع على حرف را |
يا عين جودي بالدموع التي |
|
يروي بها ما ضمه من ثرى |
واجري دما فالخطب في شأنه |
|
قد اقتضى أكثر مما جرى |
مات إمام كان في فنه |
|
يرى إماما والورى من ورا |
أمسى منادى للبلى مفردا |
|
فضمه القبر على ما ترى |
يا أسفا كان هدى ظاهرا |
|
فعاد في تربته مضمرا |
وكان جمع الفضل في عصره |
|
صح فلما أن قضى كسّرا |
وعرّف الفضل به برهة |
|
والآن لما أن مضى نكّرا |
وكان ممنوعا عن الصرف لا |
|
يطرق من وافاه خطب عرا |
لا أفعل التفضيل ما بينه |
|
وبين من أعرفه في الورى |
__________________
(١) الحبر ، بفتح الحاء ، بفتح الحاء ، وسكون الباء : العالم.
(٢) في ب : «وصلي عليه في الجامع».
(٣) مطخشارش : ضاحية من ضواحي قرطبة أو حي من أحيائها ، وقد جاء ذلك في هذا الكتاب فيما بعد.
(٤) استعبر : ذرف الدمع.
(٥) سرى : سار ليلا.