قسم في البيت الأول صفات الممدوحين قسمين ضر الأعداء ، ونفع الأولياء ، ثم جمعها في البيت الثاني بقوله : سجية تلك ، ثم أشار الى شر الأخلاق ما كان مستحدثا مبتدعا لا ما كان غريزة وجبلة.
الجمع مع التفريق والتقسيم
هذا النوع جامع للأنواع الثلاثة المتقدمة ، وقد مثلوا له بقوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ، وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)(١) فالجمع في قوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) ، لأن النفس متعددة في المعنى إذ هي نكرة في سياق النفي تعمّ ، والتفريق في قوله عزوجل : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) ، والتقسيم في قوله عز وعلا : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا).
ومن هذا النوع أيضا قول ابن شرف القيرواني :
لمختلفي الحاجات جمع ببابه |
|
فهذا له فن وهذا له فن |
فللخامل العليا وللمعدم الغنى |
|
وللمذنب العتبى وللخائف الأمن |
التجريد
هو لغة : إزالة الشيء عن غيره ، واصطلاحا هو أن ينتزع من أمر ذي صفة أو أكثر ، أمر آخر أو أكثر مثله فيها ، لإفادة المبالغة بادعاء كمال الصفة في ذلك الأمر حتى كأنه بلغ من الاتصاف بتلك الصفة مبلغا يصح أن ينتزع منه موصوف آخر متصف بتلك الصفة ، فهي فيه كأنها تفيض بمثالاتها لقوتها كما يفيض الماء عن ماء البحر.
وهو أقسام :
١ ـ ما يكون بمن التجريدية كقولهم : لي من فلان صديق حميم ، بلغ فلان من الصداقة حدا صح معه أن يستخلص منه صديق آخر مثله فيها.
__________________
(١) سورة هود الآيتان ١٠٧ و ١٠٨.