٥ ـ التوسط بين الكمالين ، وهو أن تكون الجملتان متناسبتين ، ولكن يمنع من العطف مانع وهو عدم قصد التشريك في الحكم كقوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(١) فجملة الله يستهزيء بهم لا يصح عطفها على إنا معكم لاقتضائه أنها من مقول المنافقين ، وليس ذلك كذلك ، ولا على جملة قالوا لأنه يكون المعنى ، فإذا قالوا ذلك استهزأ الله بهم ، وهذا لا يستقيم ، لأن استهزاء الله بهم بأن خذلهم وخلاهم وما سولت لهم أنفسهم مستدرجا إياهم من حيث لا يشعرون إنما هو على نفس الاستهزاء وفعلهم له وإرادتهم إياه في قولهم آمنا ، لا على أنهم حدثوا عن أنفسهم بأنهم مستهزئون ، إذ المؤاخذة على اعتقاد الاستهزاء والخديعة في إظهار الإيمان لا في قولهم : إنا استهزأنا ، من غير أن يقترن بذلك القول اعتقاد ونية.
(تتمة) لما كانت الجملة الحالية تارة تجيء بالواو ، وأخرى بغيرها ، ناسب أن تذكر عقب الوصل والفصل ، وذلك أن الحال نوعان : لازمة (٢) ومنتقلة (٣) ، ويفترقان في أن الأولى لا تقترن بواو البتة ، وتكون وصفا غير ثابت كاسم الفاعل والمفعول ، نحو : جاء علي ضاحكا ، ويمتنع جاء علي طويلا أو أبيض ، ويشتركان في شيئين :
١ ـ أنهما يأتيان عاريين من حرف النفي ، تقول : هو الحق بينا ، وجاء علي مستبشرا ، ولا يجوز أن تقول : لا خفيا في الأول ، ولا عبوسا في الثاني.
٢ ـ أنهما يكونان بغير واو لأسباب ذكرها في الايضاح ، وهي :
(أ) أن إعراب الحال أصلي ، ليس تبعا لغيره ، ولا مجال للواو في المعرب أصالة ، إذ الاعراب دال على التعلق المعنوي ، المغني عن الاحتياج ، إلى تعلق آخر.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٤.
(٢) سواء وردت بعد جملة فعلية نحو : خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها ، أم اسمية نحو : هذا أبوك عطوفا.
(٣) أي غير لازمة لصاحبها بل تفيد معنى حال نسبة العامل الى صاحب الحال.