المبحث الثاني في التمني
هو طلب حصول شيء محبوب لا يرجى حصوله ، إما لكونه مستحيلا ، كقول المتنبي :
فليت وقارك فرقته |
|
وحملت أرضك ما تحمل |
واما لكونه بعيد التحقق والحصول نحو : (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)(١) ، فإن كان منتظر الحصول قريب الوجود كان ترجيا ويعبر فيه بعسى ولعل. كقوله :
عسى الله أن يجري المودة بيننا |
|
ويوصل حبلا منكمو بحباليا |
وقوله :
تأن ولا تعجل بلومك صاحبا |
|
لعل له عذرا وأنت تلوم |
وقد يعبر فيه بليت كقول قريط من بلعنبر يهجو قومه :
فليت لي بهم قوما إذا ركبوا |
|
شدوا الإغارة فرسانا وركبانا |
وألفاظ التمني أربعة : واحدة أصلية ، وهي ليت ، وثلاثة نائبة عنها ، وهي :
١ ـ (هل) نحو : (فَهَلْ)(٢) لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا (٣) ويبرز بها التمني في شكل المستفهم عنه الذي لا يجزم بانتفائه ، إظهارا لكمال العناية به حتى لا يستطاع الاتيان به إلا في صورة الممكن المطموع في وقوعه.
٢ ـ (لو) نحو : (فَلَوْ)(٤) أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٥) ، ويتمنى بها إشعارا يعزه التمني حيث أبرز في صورة ما لا يوجد (٦).
٣ ـ (لعل) ويتمنى بها إذا كان المرجو بعيدا ميئوسا من حصوله ، فصار شبيها بالمحالات والممكنات التي لا طماعية في حصولها ، نحو :
أسرب القطا هل من يعير جناحه |
|
لعلّي الى من قد هويت أطير |
__________________
(١) سورة القصص الآية ٧٩.
(٢) دليل أنها للتمني أنهم يعلمون عدم الشفيع.
(٣) سورة الشعراء الآية ١٠٢.
(٤) دليل أنها للتمني نصب الجواب والكرة والرجعة.
(٥) سورة الأعراف الآية ٥٣.
(٦) لأن لو بحسب أصلها حرف امتناع.