الباب الاول في التشبيه
وفيه اثنا عشر مبحثا
المبحث الأول في شرح حقيقته وبيان جليل فائدته
التشبيه لغة التمثيل ، يقال : هذا شبه هذا ومثيله ، وشبهت الشيء بالشيء أقمته مقامه لما بينهما من الصفة المشتركة.
واصطلاحا : إلحاق أمر (المشبه) بأمر (المشبه به) في معنى مشترك (وجه الشبه) بأداة (الكاف وكأن وما في معناهما) لغرض (فائدة) (١).
(أركانه) مما سبق تعلم أن أركانه أربعة : مشبه ومشبه به ، ويسميان بالطرفين ، ووجه شبه ، وأداة.
(فائدته) إيضاح المعنى المقصود مع الايجاز والاختصار ، ألا ترى أنك إذا قلت : علي كالأسد ، كان الغرض أن تبين حال علي ، وأنه متصف بقوة البطش وشدة المراس وعظيم الشجاعة ، وما الى ذلك من أوصاف الأسد البادية للعيون.
ولا شيء أدل على ذلك من تشبيهه بالأسد من أجل أن كانت هذه الصفات خصيصي بالأسد مقصورة عليه ، فصار هذا القول أكشف وأبين للقصد من قولك علي شجاع جريء ، الى أشباه ذلك.
ومن أسباب ذلك ما يلي :
١ ـ ما يحصل للنفس من الأنس به بإخراجها من الخفي الى الجلي الواضح ، ألا ترى أنك اذا وصفت يوما بالقصر ، فقلت : هذا يوم من أقصر ما يتصور ، لم يجد السامع له من الأنس ما يجده لنحو قولك : يوم كإبهام القطاة.
__________________
(١) عرفه ابن رشيق في «العمدة» بأنه صفة الشيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة ، لأنه لو ناسبه مناسبة كلية كان إياه ، وقيل : هو إلحاق أدنى الشيئين بأعلاهما في صفة اشتركا في أصلها واختلفا في كيفيتها قوة وضعفا.