بعد ، ويجعلون البلاغة اسما لما طابق مقتضى الحال مع الفصاحة ، وعلى هذا الرأي فالبلاغة كل والفصاحة جزؤه ، وعليه أيضا فالفصاحة من صفات المفرد كما هي من صفات المركب بحسب الاعتبارات الآتية :
والى هذا أشار صاحب الصناعتين حيث قال ، وقيل : الفصاحة تمام آلة البيان فهي مقصورة على اللفظ ، لأن الآلة تتعلق باللفظ ، والبلاغة إنما هي إنهاء المعنى الى القلب ، فكأنها مقصورة على المعنى ، اه
وها نحن أولاء نشرحهما لك على الرأي الأخير فقد استقر عليه البحث ، وبالله التوفيق ، ومنه الهداية لأقوم طريق.
الفصاحة
تقع الفصاحة وصفا للمفرد والكلام والمتكلم.
فصاحة المفرد
فصاحة المفرد تتحقق بسلامته من أربعة عيوب (١) :
١ ـ تنافر الحروف.
٢ ـ غرابة اللفظ
٣ ـ مخالفة القياس.
٤ ـ الكراهة في السمع.
تنافر الحروف
صفة في الكلمة ينجم عنها ثقلها على اللسان وصعوبة النطق بها ، ولا ضابط لذلك غير الذوق السليم والشعور الذي ينشأ من مزاولة أساليب البلغاء ، وليس منشؤه قرب مخارج الحروف كما قيل ألا ترى أنك تجد الحسن في لفظ الجيش مع تقارب مخارج حروفه ، ونحوه ، الفم والشجر ، وتجد لفظ ملع بمعنى أسرع متباعد المخارج وهو متنافر ، ولا طول الكلمات لأنه إن صح ذلك في نحو
__________________
(١) لتسلم من الخلل مادته وصيغته ومعناه.