(٥) التنبيه على سرعة الامتثال ، ولو ادعاء ، نحو : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ)(١) مكان : لا تسفكوا ، مبالغة في النهي بادعاء أنهم نهوا فامتثلوا ، ثم أخبروا.
(٦) حمل المخاطب على الفعل بألطف أسلوب ، كقولك لرجل لا تحب أن يكذبك : تجيء غدا ، مكان قولك : جيء ، لتحمله على المجيء لأنه إن لم يأت غدا صرت كاذبا من حيث الظاهر (٢) لكون كلامك في صورة الخبر.
يوضع الإنشاء موضع الخبر لاعتبارات ، منها :
١ ـ إظهار العناية بالشيء والاهتمام به ، نحو : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)(٣) لم يقل : وإقامة وجوهكم ، إشعار بالعناية بالصلاة لعظيم خطرها وجليل قدرها في الدين.
٢ ـ التباعد عن مساواة اللاحق بالسابق ، نحو : (قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ)(٤) لم يقل : وأشهدكم ، تحاشيا عن مساواة شهادتهم بشهادة الله تعالى.
٣ ـ الرضا بما هو حاصل كأنه مطلوب في قوله عليهالسلام : «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» مكان يتبوأ.
الانتقال من الماضي الى المضارع ، أو بالعكس :
(١) فالأول نحو : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ)(٥) جاء تثير ، بدل أثارت ، لتستحضر تلك الصورة الماضية ، حتى كأن الإنسان يشاهد اثارة الريح للسحاب ، فيستدل من ذلك على عجيب قدرته ، وباهر حكمته.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٨٤.
(٢) أما في الحقيقة فلا كذب ، لأنه كلام في معنى الإنشاء.
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٩.
(٤) سورة هود الآية ٥٤.
(٥) سورة الروم الآية ٤٨.