قطعا نظرا إلى نفس لفظه (وإن كان قد نقل بعد دخول الأداة عليه الى معنى الاستقبال) مواقع لإذا ، وقد اجتمعتا في قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ)(١) ، أي إذا جاء آل فرعون حسنة كخصب ورخاء وكثرة أولاد قالوا نحن أحقاء بها ، وإن أصابهم جدب وبلاء تشائموا من موسى ومن آمن معه ، فعبّر بإذا في جانب الحسنة ، لأن المقصود منها الجنس ، وهو مقطوع بحصوله لكثرته ، وبأن في جانب السيئة لندورها ، ولهذا أنكرت للدلالة على القلة.
قال في «الكشاف» : وللجهل بمواقع إن وإذا يزيغ كثير من الخاصة عن الصواب فيغلطون ، ألا ترى الى عبد الرحمن بن حسان كيف أخطأ بهما الموقع في قوله يخاطب بعض الولاة وقد سأله حاجة فلم يقضها ثم شفع له فيها فقضاها :
ذممت ولم يحمد وأدركت حاجتي |
|
تولى سواكم أجرها واصطناعها |
أبى لك كسب الحمد رأي مقصر |
|
ونفس أضاق الله بالخير باعها |
إذا هي حثته على الخير مرة |
|
عصاها وإن همت بشر أطاعا |
ولو عكس في استعمال الأداتين لأصاب الغرض.
(تنبيه) قد تستعمل كل من الأداتين موضع الأخرى فتستعمل (إن) في الشرط المجزوم بثبوته لأغراض ، منها :
(١) التجاهل اذا اقتضاه المقام ، كما يقول المعتذر : إن كنت فعلت هذا فعن غير قصد.
(٢) تنزيل المخاطب منزلة الجاهل لأنه لم يجر على مقتضى علمه كما يقال للابن الذي لا يراعي حقوق الأبوة : إن كان هذا أباك فراع حقوقه عليك.
(٣) التوبيخ على الفعل ، تنبيها على أنه لقيام البراهين المقتضية وقوع خلافه ، كأنه محال الوقوع ، فيفرض كما يفرض المحال نحو : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ)(٢) في قراءة الكسر ، إذ إسرافهم محقق ،
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ١٣١.
(٢) المعنى : أنهملكم ونضرب عنكم القرآن بترك القرآن بترك إنزاله لكم وترك ما فيه من وعد أو وعيد إعراضا عنكم إن كنتم مسرفين (سورة الزخرف).