وقال : سهو طرفة عين عن الله شرك بالله.
قال السلمي : سمعت منصور بن عبد الله يقول :
سئل الشبلي وأنا حاضر : هل يبلغ الإنسان بجهده إلى شيء من طرق الحقيقة ، أو الحق؟ فقال : لا بدّ من الاجتهاد والمجاهدة ، ولكنهما لا يوصلان إلى شيء من الحقيقة ، لأنّ الحقيقة ممتنعة عن أن تدرك بجهد واجتهاد ، فإنما هي مواهب ، يصل العبد إليها بإيصال الحقّ إياه لا غيره. وأنشد على أثره :
أسائلكم عنها ، فهل من مخبّر |
|
فما لي بنعم بعد مكثتنا علم |
فلو كنت أدري أين خيّم أهلها |
|
وأيّ بلاد الله ـ أو ظعنوا ـ أمّوا |
إذا لسلكنا مسلك الريح خلفها |
|
ولو أصبحت نعم ومن دونها النجم |
قال السلمي (١) : وحكي عن بعضهم قال :
كنت يوما في حلقة الشبلي فسمعته يقول : الحقّ يفني بما به يبقي ، ويبقي بما (٢) به يفني ، ويفني بما (٣) فيه بقاء ، ويبقي بما فيه فناء. فإذا أفنى عبدا عن إياه أوصله به ، وأشرفه على أسراره. وبكى ، وأنشد على أثره :
لها في طرفها لحظات سحر |
|
تميت به وتحيي من تريد |
وسئل الشبلي : ما (٤) علامة صحة المعرفة؟ قال : نسيان كل شيء سوى معروفه.
قيل (٥) : وما علامة صحة المحبة؟ قال : العمى عن كلّ شيء سوى محبوبه.
وقال (٦) : ليس للعارف [علاقة](٧) ، ولا لمحبّ سلوى (٨) ، ولا لعبد (٩) دعوى ، ولا لخائف قرار ، ولا لأحد (١٠) من الله فرار.
__________________
(١) الخبر رواه السلمي في الطبقات ص ٣٥٠.
(٢) في مختصر أبي شامة : ما.
(٣) انظر الحاشية السابقة.
(٤) في مختصر أبي شامة : عن ما.
(٥) الخبر في الرسالة القشيرية ص ٣٢١ باختلاف الرواية.
(٦) الخبر في الرسالة القشيرية ص ٣١٢ وطبقات الشعراني ١ / ١٠٤ وحلية الأولياء ١٠ / ٣٦٨.
(٧) مطموسة في مختصر أبي شامة ، واستدركت اللفظة عن الرسالة القشيرية.
(٨) كذا في مختصر أبي شامة ، وفي الرسالة القشيرية : «شكوى» وفي حلية الأولياء : سكون.
(٩) في الحلية : ولا للصادق دعوى.
(١٠) في الحلية : ولا للخلق من الله فرار.