قال أبو العباس الدامغاني : أوصاني الشبلي فقال (١) :
الزم الوحدة ، وامح اسمك عن القوم ، واستقبل الجدار حتى تموت.
قال السلمي : سمعت محمّد بن الحسن البغدادي يقول (٢) :
كان الشبلي يقول لمن (٣) يدخل عليه : عندك خبر (٤) ، أو عندك أثر؟! وينشد :
أسائل عن سلمي (٥) ، فهل من مخبر |
|
بأنّ (٦) له علما بها أين تنزل؟ |
ثم يقول : لا وعزّتك ما في الدارين عنك مخبر.
وقال الشبلي : ما أحد يعرف الله ، قيل : كيف؟ قال : لو عرفوه لما اشتغلوه عنه بسواه.
قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، أخبرنا والدي قال : أنبأني صديقي أبو محمّد جعفر بن محمّد الصوفي قال :
كنت عند الجنيد ، فدخل الشبلي ، فقال جنيد : من كان الله همه طال حزنه ، فقال الشبلي : يا أبا القاسم ، لا بل ، من كان همّه زال حزنه.
قال البيهقي :
قول الجنيد محمول على دار الدنيا ، وقول الشبلي محمول على الآخرة ، وقول الجنيد محمول على حزنه عند رؤية التقصير في نفسه في القيام بواجباته ، وقول الشبلي محمول على سروره بما أعطي من التوفيق في الوقت حتى جعل الهمّ هما واحدا. والله أعلم.
وسئل الشبلي عن الزهد فقال (٧) : تحويل القلب عن الأشياء إلى رب الأشياء.
وقال : ليكن همّك معك لا يتقدم ، ولا يتأخّر.
وسئل : لم سمّوا صوفية؟ فقال : لمصافاة أدركتهم من الحق فصفوا. فمن صفا فهو صوفي. وقيل للشبلي : يا أبا بكر ، أوصني ، فقال : كلامك كتابك إلى ربّك ، فانظر ما تملي فيه.
__________________
(١) الخبر في طبقات الشعراني ١ / ١٠٥.
(٢) الخبر في طبقات الشعراني ١ / ١٠٥.
(٣) في مختصر أبي شامة : لم.
(٤) في مختصر أبي شامة : «خيرا وعندك أثر» والمثبت يوافق ما جاء في طبقات الشعراني وعبارتها : أعندك خبر أو عندك أثر.
(٥) في طبقات الشعراني : ليلى.
(٦) في طبقات الشعراني : يخبرنا.
(٧) طبقات أبي عبد الرحمن السلمي ص ٣٤٣.