قال الحسن الفرغاني :
سألت الشبلي : ما علامة العارف؟ فقال : صدره مشروح ، وقلبه مجروح ، وجسمه مطروح (١). والعارف الذي عرف الله ، وعرف مراد الله ، وعمل لما أمر الله ، وأعرض عما نهى الله ، ودعا عباد الله إلى الله. والصوفي من صفا قلبه فصفا ، وسلك طريق المصطفى ، ورمى الدنيا خلف القفا ، وأذاق الهوى طعم الجفا. والتصوّف التآلف والتطرف ، والإعراض عن التكلف.
وقال أيضا : هو التعظيم لأمر الله ، والشفقة على عباد الله.
وقال أيضا : الصوفي من صفا من الكدر ، وخلص من الغير ، وامتلأ من الفكر ، وتساوى عنده الذهب والمدر.
وقيل له : ما علامة القاصد؟ قال : أن لا يكون للدرهم راصدا.
وقيل له : في أي شيء أعجب؟ قال : قلب عرف ربه ثم عصاه (٢).
وقال : المعارف تبدو فتطمع ، ثم تخفى فتؤيس ، فلا سبيل إلى تحصيلها ، ولا طريق إلى الهرب منها ؛ فإنها تطمع الآيس ، وتؤيس الطامع.
وسئل (٣) : إلى ما ذا تحنّ قلوب أهل المعارف؟ فقال : إلى بدايات ما جرى لهم في الغيب من حسن العناية. وأنشد :
سقيا لمعهدك الذي لو لم يكن |
|
ما كان قلبي للصبابة معهدا |
وقال : الدنيا خيال ، وظلها وبال ، وتركها جمال ، والإعراض عنها كمال ، والمعرفة بالله اتصال.
وسئل (٤) : ما الفرق بين رقّ العبودية ، ورقّ المحبة؟ فقال : كم بين عبد إذا عتق (٥) صار حرا ، وعبد كلّما عتق (٦) ازداد رقا.
__________________
(١) إلى هنا الخبر رواه الذهبي في سير الأعلام ١٥ / ٣٦٩.
(٢) الخبر في صفة الصفوة ٢ / ٤٥٨.
(٣) الخبر في طبقات أبي عبد الرحمن السلمي ص ٣٥٤.
(٤) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩١ من طريق هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري.
(٥) كذا في مختصر أبي شامة ، وفي تاريخ بغداد : أعتق.
(٦) انظر الحاشية السابقة.