وقال ضمرة بن شوذب ، عن سليمان عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذرّ قال (١) :
دخلت مع أبي ذرّ على عثمان ، فلما دخل إليه حسر عن رأسه وقال : والله ما أنا منهم يا أمير المؤمنين ـ يريد الخوارج ـ.
قال ابن شوذب :
سيماهم التّسبيت ـ يعني الحلق ـ فقال له عثمان : صدقت يا أبا ذرّ ، إنما أرسلت إليك لتجاورنا بالمدينة ، قال : لا حاجة لي في ذلك ، ائذن لي إلى الرّبذة ، قال : نعم ، ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة تغدو عليك وتروح ، قال : لا حاجة لي في ذلك ، تكفي أبا ذرّ صريمته (٢). فلما خرج من عنده قال : دونكم معاشر قريش دنياكم فاخذموها (٣) ، ودعونا وربنا.
حدّثني غزوان أبو حاتم قال (٤) :
بينا أبو ذرّ عند باب عثمان ليؤذن له إذ مرّ به رجل من قريش ، فقال : يا أبا ذرّ ، ما يجلسك هاهنا؟ قال : يأبى هؤلاء أن يأذنوا لنا. فدخل الرجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما بال أبي ذرّ على الباب لا يؤذن له؟ فأمر فأذن له ، فجاء حتى جلس ناحية القوم وميراث عبد الرّحمن يقسم ، فقال عثمان لكعب : يا أبا إسحاق ، أرأيت المال الذي أدّي زكاته هل يخشى على صاحبه فيه تبعة؟ فقال : لا ، فقام أبو ذرّ ومعه عصا ، فضرب بها بين أذني كعب ، ثم قال : يا بن اليهودية ، أنت تزعم أنّه ليس عليه حق في ماله إذا أدى (٥) الزكاة ، والله تعالى يقول : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ)(٦) الآية ، (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ)(٧) ، و (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)(٨) ، فجعل يذكر نحو هذا من القرآن. فقال عثمان للقرشي : إنما نكره أن نأذن لأبي ذرّ من أجل ما ترى!.
__________________
(١) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ١٦٠ وابن سعد ٤ / ٢٣٢.
(٢) الصريمة تصغير صرمة ، وهي القطيع من الإبل والغنم.
(٣) كذا في مختصر أبي شامة ، وفي سير الأعلام : «فاعذموها» واخذموها يعني اقطعوها ، والخذم : سرعة القطع.
(٤) رواه الذهبي في سير الأعلام (٣ / ٣٩٢) ط دار الفكر.
(٥) في سير الأعلام : آتى.
(٦) سورة الحشر ، الآية : ٩.
(٧) سورة الدهر ، الآية : ٨.
(٨) سورة المعارج ، الآيتان ٣ ، ٤.