كان أبو ذرّ ، وعمرو بن عبسة ، كلّ واحد منهم (١) يقول : أنا ربع الإسلام. وقال : وكان أبو ذرّ يقول : لقد رأيتني ربع الإسلام ، لم يسلم قبلي إلّا النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأبو بكر ، وبلال.
وعن موسى بن عقبة ، عن عطاء بن أبي مروان ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ قال :
كنت في الإسلام خامسا.
قال الواقدي : قالوا (٢) :
وعبّأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه ، وصفّهم صفوفا ـ يعني يوم حنين ـ ووضع الرايات والألوية في أهلها ، وسمّى حامليها. قال : وكان في بني غفار راية يحملها أبو ذرّ.
قال (٣) : وكان أبو ذرّ يقول : أبطأت في غزوة تبوك من أجل بعيري ، كان نضوا (٤) أعجف ، فقلت : أعلفه أياما ، ثم ألحق برسول الله صلىاللهعليهوسلم. فعلفته أياما ، ثم خرجت ، فلما كنت بذي المروة أذمّ بي (٥) ، وتلوّمت عليه يوما فلم أر به حركة. فأخذت متاعي ، فحملته على ظهري ، ثم خرجت أتبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ماشيا في حرّ شديد ، وقد تقطّع الناس فلا أرى أحدا يلحقه (٦) من المسلمين ، وطلعت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم نصف النهار ، وقد بلغ مني العطش ، فنظر ناظر من الطريق ، فقال : يا رسول الله ، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «كن أبا ذرّ» ، فلمّا تأملني القوم قالوا : يا رسول الله ، هذا أبو ذرّ ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى دنوت منه ، فقال : «مرحبا بأبي ذرّ ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده» ، فقال : «ما خلّفك يا أبا ذرّ؟» فأخبره خبر بعيره ، ثم قال : «إن كنت لمن أعزّ أهلي علي تخلفا ، لقد غفر الله لك يا أبا ذرّ بكلّ خطوة ذنبا إلى أن بلغتني» ، ووضع متاعه عن ظهره ، ثم استسقى ، فأتي بإناء من ماء فشربه [١٣٣٤٣].
وعن غضيف بن الحارث (٧) ، عن أبي الدّرداء قال :
__________________
(١) في سير الأعلام : منهما.
(٢) رواه الواقدي في مغازيه ٣ / ٨٩٥ ـ ٨٩٦.
(٣) القائل راوي الخبر هو هلال بن أمية الواقفي ، كما يفهم من مغازي الواقدي ، وقد نقل الخبر الواقدي ٣ / ١٠٠٠.
(٤) النضو : الدابة التي أهزلتها الأسفار وأذهبت لحمها (النهاية لابن الأثير).
(٥) عند أبي شامة : «ادم» وفي مغازي الواقدي : «عجز بي» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٦) مغازي الواقدي : يلحقنا.
(٧) من طريقه رواه الذهبي في سير الأعلام (٣ / ٣٨٥) ط دار الفكر.