(والاستثناء المستغرق باطل) اتفاقا (١) (كما لو قال : له) عليّ(مائة إلا مائة) ولا يحمل على الغلط ، ولو ادعاه (٢) لم يسمع منه. هذا إذا لم يتعقبه استثناء آخر يزيل استغراقه (٣) ، كما لو عقّب ذلك بقوله : إلا تسعين فيصح الاستثناءان ، ويلزمه تسعون ، لأن الكلام (٤) جملة واحدة لا يتمّ إلا بآخره ، وآخره (٥) يصيّر الأول غير مستوعب ، فإن المائة المستثناة (٦) منفية لأنها استثناء من مثبت ، والتسعين مثبتة ، لأنها استثناء من منفي ، فيصير جملة الكلام (٧) في قوة : «له تسعون» وكأنه (٨) استثنى من أول الأمر عشرة(٩).
(وكذا) يبطل(الاضراب) عن الكلام الأول(ببل ، مثل : له عليّ مائة ، بل تسعون (١٠)
______________________________________________________
(١) هذا تفريع على الحكم الأول المتقدم في شرحنا ، أعني جواز الاستثناء بشرط بقاء بقية للمستثنى منه ، سواء كانت أقل أم مساوية أم أكثر ، وعليه فلو قال : له علي درهم إلا درهما فيبطل الاستثناء لأنه مستغرق ويثبت الدرهم المقر به ، بل لو ادعى الغلط لم يقبل منه بلا خلاف في ذلك كله ، نعم لو تعقبه باستثناء آخر يزيل استغراقه كما لو قال : له ثلاثة إلا ثلاثة إلا اثنين فيلزمه اثنان ، لأن الاستثنائين بمنزلة الاستثناء الواحد ، والثلاثة ما عدا الاثنين واحد ، وهو المستثنى من الثلاثة فيلزمه اثنان.
(٢) أي ادّعى الغلط.
(٣) أي استغراق الاستثناء الأول.
(٤) في المستثنى والمستثنى منه.
(٥) أي آخر الاستثناء.
(٦) بالاستثناء الأول.
(٧) أي كلام المستثنى منه والمستثنى.
(٨) أي المقر.
(٩) أي كأنه استثنى عشرة باستثناء واحد بأن قال : له مائة إلا عشرة.
(١٠) لفظ (بل) حرف إضراب بما بعدها عما قبلها وعدول عنه ، فيكون الأضراب في المثال المذكور إعراضا عن الإقرار الأول ورجوعا عنه وإنكارا له ، ولا يسمع الرجوع عن الإقرار لعموم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، وهذا بخلاف الاستثناء ، لأن
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من كتاب الإقرار حديث ٢.