والأصل عدم النسخ ، وعلى الأول (١) هل يتقيد جواز العضل ببذل ما وصل إليها منه من مهر ، وغيره فلا يجوز الزيادة عليه (٢) أم لا يتقيد (٣) إلا برضاه (٤) ، اختار المصنف الأول (٥) حذرا من الضرر العظيم ، واستنادا إلى قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لجميلة
______________________________________________________
(١) من جواز العضل.
(٢) على الواصل كما عليه الشهيد في بعض تحقيقاته حذرا من الضرر العظيم ، واستنادا إلى النبوي (أن جميلة زوجة ثابت بن قيس أتت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأظهرت الكراهة منه فنزلت الآية ـ آية العضل ـ وكان قد أصدقها حديقة ، فقال ثابت : يا رسول الله ترد الحديقة؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما تقولين؟ قالت : وأزيده ، فقال : لا ، حديقة فقط ، فاختلعت منه) (١) ، وفي بعض ألفاظ الخبر كما في المسالك : (أما الزيادة فلا ، ولكن حديقته).
والخبر ظاهر في عدم جواز الزيادة على الواصل إليها منه.
وعن الأكثر جواز الزيادة لإطلاق الاستثناء في قوله تعالى : (وَلٰا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مٰا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (٢) ، ولعدّ الأصحاب هذا خلعا ، والبذل فيه غير متقيّد بقدر مخصوص.
وفي الاستدلال الجانبين نظر ، أما استدلال الشهيد ففيه أن بذل الزائد لو كان ضررا لجرى مثله في الخلع ، ولوجب عدم بذل الزائد فيه حينئذ مع أن بذل الزائد في الخلع جائز بالاتفاق ، وأما الخبر فلا دلالة فيه على موضع النزاع لأن المرأة المذكورة ليست من هذا الباب ، أعني التي يجوز عضلها لفاحشتها ، بل زوجة جميل كانت كارهة له على أصل قاعدة الخلع وهو مريد لها هذا من جهة ومن جهة أخرى فتقييد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم البذل بالحديقة لكون الزوج طلبها ، وإلا لجازت الزيادة بالاتفاق.
وأما استدلال الأكثر فالآية غير مطلقة لأن المستثنى منه فيها مقيّد ببعض ما أعطاها ، والاستثناء تابع له كما هو الواضح وإطلاق الخلع على موردنا من العضل أول الكلام ، لأن الخلع مشروط بكراهتها له وقد لا تكون كارهة. فالأولى الاستدلال على جواز بذل الزائد بأصالة عدم الاشتراط.
(٣) أي لا يتقيد جواز العضل بقدر مخصوص.
(٤) أي رضا الزوج كما عليه الأكثر.
(٥) وهو التقييد.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣١٣.
(٢) سورة النساء ، الآية : ١٩.