ولم يقل (١) : «به» (لم يكن شيئا) أما الأولان فلانتفاء دلالتهما على الاقرار ، لإمكان خروجهما مخرج الاستهزاء ، فإنه (٢) استعمال شائع في العرف ، وأما الأخير (٣) فلأنه مع انتفاء احتماله الوعد (٤) يحتمل كون المقر به المدّعى وغيره (٥) ، فإنه (٦) لو وصل به قوله «بالشهادتين» أو «ببطلان دعواك» لم يختل اللفظ (٧) لأن المقر به غير مذكور ، فجاز تقديره (٨) بما يطابق المدعى وغيره معتضدا بأصالة البراءة.
ويحتمل عدّه (٩) إقرارا ، لأن صدوره (١٠) عقيب الدعوى قرينة صرفه (١١) إليها (١٢) وقد استعمل لغة كذلك (١٣) ، كما في قوله تعالى : (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا أَقْرَرْنٰا) (١٤) وقوله (١٥) تعالى : (قٰالَ فَاشْهَدُوا) ، ولأنه (١٦) لولاه (١٧)
______________________________________________________
(١) في الأخير.
(٢) أي خروجهما مخرج الاستهزاء.
(٣) وهو قوله : أنا مقر مقتصرا عليه.
(٤) إذ يحتمل أنه وعد بالإقرار ، وعليه فمع التسليم بانتفاء احتمال الوعد في المستقبل.
(٥) أي وغير المدعى.
(٦) فإن الشأن والواقع لو وصل المجيب بقوله السابق قوله بالشهادتين.
(٧) أي لفظ المجيب : أنا مقر.
(٨) أي تقدير المقرّ به.
(٩) أي عد الأخير عند ما قال : أنا مقرّ مقتصرا عليه.
(١٠) أي صدور قوله : أنا مقر.
(١١) أي صرف الأخير عند ما قال : أنا مقر.
(١٢) أي إلى الدعوى.
(١٣) أي في الإقرار بالدعوى.
(١٤) وتتمة الآية : (قٰالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّٰاهِدِينَ) (١).
(١٥) وهذا من تتمة الآية السابقة ، وأتي به للتدليل على صدق الإقرار مع عدم التلفظ بلفظ (به) ، والدليل على صدق إقرارهم طلبه الشهادة منهم.
(١٦) ولأن الشأن والواقع.
(١٧) أي لو لا الإقرار.
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٨١.