وكانت عندهم مصيبة عظيمة قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بعثنى أبى الى ابن وهب بمائة دينار فطرحها وقال علم ومال لا يجتمعان سلم على أبيك وقل له جزاك الله خيرا والله لا أعلم فى ماله شبهة لكننى أخاف أن أبيت غنيا ويكون فى هذه البلدة فقير وكان الناس يزدحمون على بابه ليأخذوا الصدقة فيرى كأنه الأب الشفيق على الفقراء ولد سنة أربع وخمسين ومائة وتوفى سنة أربع عشرة ومائتين وهو الى جانب الشافعى كما تقدّم قال ابن النحوى اختلف الناس عند وفاة الامام الشافعى فقال أهل المعافر ندفنه فى مقبرتنا وقال الصدفيون ندفنه فى مقبرتنا وقال التجيبيون ندفنه فى مقبرتنا وقال بنو عبد الحكم نحن أحق به وكانت مقبرتهم تعرف بمقبرة بنى عوف والى جانبه قبر ولده أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم صحب الامام الشافعى صغيرا وكان من أكابر العلماء له التاريخ المشهور كانت له همة فى العلم والادب وكان اذا قرأ لا يسمعه أحد الا بكى وخرج عن ماله وحدّث عن الامام الشافعى وغيره وهو معدود فى طبقة الفقهاء والمحدثين والقراء واستقبل الشافعى عند قدومه ومعه ألف دينار فقال من أنت قال ابن عبد الحكم فدعا له فحفظ العلم والحديث وكان يطالع الصفحة فيحفظها من مرة وهو من أكابر هذه الطبقة وقال رضى الله عنه رحت ليلة الى شاطئ النيل فاذا امرأة تبكى فقلت ما يبكيك فقالت نزلت لأملأ هذا السقاء فسقط ولدى عن كتفى فى البحر فأنا أبكى عليه قال فبكيت شفقة عليها ثم نظرت الى البحر فاذا الامواج تحمله فصحت لأمه هذا ولدك فرأته متربعا لم يصبه شئ وقال ابن عبد الحكم هذا لو قيل لى ما تتمنى لقلت أن أرى كتاب أعمالى فى الدنيا توفى رضى الله عنه سنة ثمان وستين ومائتين وتحت رجلى الامام الشافعى شباك خلفه قبر الشيخ نجم الدين المعروف بالخبوشانى وحيد وقته وفريد عصره منع أهل البدع ورد عليهم واستتابهم عما عملوه من العقائد الفاسدة وأظهر عقيدة الاشعرية بالديار المصرية وكان له دعوة مجابة وكان صلاح الدين يوسف بن أيوب يأتى الى زيارته ويقف عليه ويسأله الدعاء حكى صاحب سيرة صلاح الدين انه أعطى النصر بدعاء الخبوشانى وكان اذا خرج الى الغزو يسأله الدعاء فيدعو له فينتصر ومدحه ابن خصيب بأبيات فأراد أن يجيزه فقال له اجعل جائزتى دعوة فدعا له وكان من عادة العجم أن المدرس يجلس فى الدرس وعلى رأسه طرطور فخرج يوما الى الدرس وقد جعل الطرطور على رأسه ظانا أنه فى بلاده فلما دخل حلقة الدرس تبسم كل من كان به فنظر اليهم وصلى ركعتين ثم جلس فما بقى أحد منهم الا بكى وخرج فى بعض الليالى يطوف على