وسألوها عن شأنها فأخبرتهم بالقصة فدلوها على السيدة نفيسة وقالوا لها امضى اليها واسأليها الدعاء فان الله يزيل ما بك وييسر لك الخير قال فمضت المرأة الى السيدة نفيسة وأخبرتها بحالها وما جرى لها وسألتها الدعاء فرحمتها السيدة رضى الله عنها وقالت يا من علا فاقتدر وملك فقهر أجبر من أمتك هذه ما انكسر فانهنّ خلقك وعيالك ثم قالت لها اقعدى فان الله على كل شئ قدير قال فقعدت المرأة عند الباب وفى قلبها من جوع أولادها التهاب فما كان إلا ساعة واذا بجماعة أقبلوا واستأذنوا فى الدخول عليها فأذنت لهم فدخلوا وسلموا وسألتهم عن أمرهم فقالوا ان لنا لأمرا عجيبا نحن قوم تجار ولنا مدّة ونحن مسافرون فى البحر ونحن بحمد الله سالمون فلما وصلنا الى قرب بلدكم انفتحت المركب التى نحن فيها ودخلها الماء وأشرفنا على الغرق وجعلنا نسد المكان الذى انفتح بجهدنا فلم ينسدّ فالتجأنا الى الله وتوسلنا بك اليه واذا بطائر ألقى الينا خرقة حمراء فيها غزل فوضعناها فى المكان المفتوح فانسدّ باذن الله تعالى وببركتك وقد جئناك بخمسمائة درهم فضة شكرا لله على السلامة قال فعند ذلك بكت السيدة نفيسة رضى الله عنها وقالت الهى ما أرأفك وألطفك بعبادك ثم نادت العجوز فجاءت فقالت لها السيدة نفيسة بكم تبيعين غزلك فى كل مرة قالت بعشرين درهما قالت أبشرى فان الله عوضك عن كل درهم خمسا وعشرين درهما ثم قصت القصة عليها ودفعت لها الخمسمائة درهم فأخذتها وأتت الى أولادها وأخبرتهم بما جرى وكيف ردّ الله لهفتها ببركة السيدة نفيسة رضى الله تعالى عنها
ذكر وفاتها رضى الله عنها قال القضاعى رحمهالله أقامت السيدة نفيسة بمصر سبع سنين وتألمت أول يوم من رجب وكتبت الى زوجها اسحاق المؤتمن كتابا وحفرت قبرها بيدها فى بيتها وكانت تنزل فيه وتصلى كثيرا وقرأت فيه مائة وتسعين ختمة وكانت اذا عجزت عن القيام لضعفها تصلى قاعدة وتسبح وتقرأ كثيرا وتبكى بكاء كثيرا قالت زينب فلما كانت أول جمعة من رمضان قرأت سورة الانعام وكان الليل قد هدأ فلما وصلت الى قوله تعالى (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) غشى عليها فضممتها لصدرى فشهدت شهادة الحق وقبضت رحمة الله عليها ووصل زوجها فى ذلك اليوم فقال انى أحملها الى المدينة وأدفنها بالبقيع فاجتمع أهل مصر الى أمير البلد واستجاروا به عند اسحاق ليرده عما أراد فأبى فجمعوا له مالا جزيلا حتى وسق بعيره الذى أتى عليه وسألوه أن يدفنها عندهم فأبى فباتوا منه فى ألم عظيم فلما أصبحوا اجتمعوا اليه فوجدوا منه غير ما عهدوه بالأمس فقالوا له ان لك لشأنا عظيما قال نعم رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم