أبيك ، وأمر لي بجائزة ورزق يجري ، وشراء دار قطيعة بالمدينة ، وقال : اذهب فاطلب العلم ولا تشاغل عنه بشيء ، فإنّي أرى لك عينا حافظة ، وقلبا ذكيا (١) ، وائت الأنصار في منازلهم ، قال الزهريّ : وأخذت العلم عنهم بالمدينة (٢) ، فلما خرجت إليهم إذا علم جمّ فأتبعتهم حتى ذكرت لي امرأة نحو قباء (٣) تروي رؤيا ، فأتيتها ، فقلت : أخبريني برؤياك ، فقالت : كان لي ولدان واحد حين حبا وآخر يتبعه ، وهلك أبوهما وترك لي ماهنا (٤) وداجنا ونخلات ، فكان الداجن نشرب لبنها ونأكل ثمر النخلات ، فإنّي لبين النائمة واليقظانة ـ قال القاضي : هكذا في الخبر ، المشهور في العربية [اليقظى ـ](٥) ولنا جدي فرأيت كأن ابني الأكبر قد جاء إلى شفرة لنا فأخذها ، وقال : يا أمه ، قد أضرّت بنا وحبست اللبن عنّا ، فأخذ الشفرة وقام إلى ولد الداجن فذبحه بتلك الشفرة ، ثم نصب قدرا لنا ثم قطعه ووضعه فيها ، ثم قام إلى أخيه فذبحه بتلك الشفرة وانتبهت مذعورة ، فإذا ابني الأكبر قد جاء ، فقال : يا أمه أين اللبن ، فقلت : شربه ولد هذا الداجن ، فقال : ما لنا من هذا من شيء ، وقام إلى الشفرة فأخذها ، ثم أمرّها على حلق ولد الداجن ، ثم نصب القدر ، قالت : فلم أكلمه ، حتى قمت إلى ابني الصغير فاحتضنته وأتيت به بعض بيوت الجيران فخبّأته عندهم ، ثم أقبلت مغتمّة لما رأيت ، ثم صعد على بعض تلك النخلات ، فأنزل رطبا ، ثم قال : يا أمه أدني فكلي ، قلت : لا أريد ، ثم مضى في بعض حوائجه وأتى (٦) القدر ، فإنّي لمتّكئة (٧) على بلسن عندي إذ ذهب بي النوم ، فإذا أنا بآت قد أتاني ، فقال : ما لك مغتمة؟ فقلت : لكذا وكذا ، ولأن ابني قد صنع كذا وكذا ، فنادى : يا رؤيا يا رؤيا ، فجاءت امرأة شابة حسنة الوجه ، طيبة الريح ، فقال : ما أردت من هذه المرأة الصالحة؟ قالت : ما أردت (٨) منها شيئا ، فنادى : يا أحلام يا أحلام ، فأقبلت امرأة دونها في السن واللباس والطيب ، فقال : [ما أردت من هذه المرأة الصالحة؟ قالت](٩) ما أردت منها
__________________
(١) في الجليس الصالح : زاكيا.
(٢) في «ز» : أحدث العلم عليكم بالمدينة.
(٣) قباء : قرية على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة.
(٤) الماهن : الخادم.
(٥) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، والجليس الصالح.
(٦) كذا بالأصل و «ز» ، وفي الجليس الصالح : وترك.
(٧) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، والجليس الصالح : لمنكبة.
(٨) بالأصل و «ز» : أدري ، والتصويب عن الجليس الصالح.
(٩) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، والجليس الصالح.