الفتنة ، مؤذي (١) لنا فيها ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين قل كما قال العبد الصالح ، قال : أجل ، (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين افرض لي ، فإنّي مقطع من الديوان ، قال : إن بلدك لبلد ما فرضنا لأحد فيها مذ كان هذا الأمر ، ثم نظر إلى قبيصة وأنا وهو قائمان بين يديه ، فكأنه أومأ إليه أن افرض له ، قال : قد فرض لك أمير المؤمنين ، قلت : وصلة يا أمير المؤمنين ، وصلك الله تصلنا بها ، فإنّي والله لقد خرجت من أهلي ، وإنّ فيهم حاجة ما يعلمها إلّا الله ، ولقد عمّت الحاجة أهل البلد ، قال : قد وصلك أمير المؤمنين ، قلت : وخادم يا أمير المؤمنين يخدمنا ، فإنّي والله قد تركت أهلي وما لهم خادم إلّا أختي ، إنّها التي تخبز لهم ، وتعجن وتطبخ لهم ، قال : وقد أخدمك أمير المؤمنين.
قال : ثم كتب إلى هشام بن إسماعيل : أن ابعث إلى ابن المسيّب فسله عن الحديث الذي سمعه يحدّث في أمهات الأولاد عن عمر بن الخطّاب ، فكتب إليه هشام مثل حديثي ما زاد حرفا ولا نقص حرفا.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى بن زكريا (٢) ، ثنا الحسين بن القاسم (٣) الكوكبي ، ثنا ابن أبي سعد (٤) ، حدّثني أبو عمرو القعنبي ، ثنا صفوان بن هبيرة التميمي ، عن الصّدفي ، عن الزهريّ قال : أتيت عبد الملك بن مروان فاستأذنت عليه ، فلم يؤذن لي ، فدخل الحاجب فقال : يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلا شابا أحمر ، زعم أنه من قريش ، قال : صفه ، فوصفه له ، قال : لا أعرفه إلّا أن يكون من ولد مسلم بن شهاب ، فدخل عليه ، فقال : هو من بني مسلم ، فدخلت عليه ، فقال : من أنت؟ فانتسبت له وقلت : إنّ أبي هلك وترك عيالا صبية ، وكان رجلا مئناثا (٥) ، لم يترك مالا ، فقال لي عبد الملك : أقرأت القرآن؟ قلت : نعم ، قال : بإعرابه ، وما ينبغي فيه من وجوهه وعلله؟ قلت : نعم ، قال : إنّما فوق ذلك فضل ، إنّما يعايا ويلغز به ، [قلت نعم](٦) قال : أفعلمت الفرائض ، قلت : نعم ، قال : الصّلب والجد واختلافهما؟ قلت : أرجو أن أكون قد فعلت ، قال : وكم دين أبيك؟ قال : كذا وكذا ، قال : قد قضى الله دين
__________________
(١) كذا بالأصل موذي بإثبات الياء ، وفي «ز» : مؤذيا.
(٢) رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٢ / ١٦٩ وما بعدها.
(٣) بالأصل و «ز» : «الفهم» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٤) كذا بالأصل و «ز» : ابن أبي سعد ، وفي الجليس الصالح هنا : «ابن أبي سعيد».
(٥) في الجليس الصالح : متلافا.
(٦) زيادة عن الجليس الصالح.