ولأبيها ما بقي ، قال : فإنّ الفريضة على حالها ، وهو رجل ترك زوجته وأبويه ، فقلت : لزوجته الربع ولأمه الربع ، ولأبيه ما بقي ، قال : فقال لي : أصبت الفرض وأخطأت اللفظ ، أليس هكذا الفرض لزوجته الربع ولأمّه ثلث ما بقي وهو الربع من رأس المال ، وللأب ما بقي.
ثمّ قال : هات حديثك ، قلت : حدّثني سعيد بن المسيّب أنّ فتى من الأنصار كان لزم عمر بن الخطّاب ، وكان به معجبا ، وأنّه فقده ، فقال : ما لي لا أرى فلانا ، فأرسل إليه فجاءه ، فإذا هو بذ الهيئة (١) ، فقال : ما لي أراك هكذا؟ قال : يا أمير المؤمنين إن إخوتي (٢) خيروني بين أمي وبين يعني ميراثي (٣) من أبي ، فاخترت أمي ، ولم أكن لأخرجها على رءوس الناس ، فأخذتها بجميع ميراثي من أبي. قال : فخرج عمر مغضبا حتى رقي المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، فقال : أما بعد ، أيها الناس ، فأي امرئ وطئ امرأة فولدت منه فله أن يستمتع منها ما عاش ، فإذا مات فهي حرة ، فقال عبد الملك : هكذا حدثني سعيد بن المسيب ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، اقض ديني ، قال : قد قضى الله دينك ، قلت : ويفرض لي أمير المؤمنين ، قال : لا والله ما نجمعهما لأحد. قال : فخرجت ، فتجهزت حتى قدمت المدينة ، فجئت سعيد ابن المسيب في مجلسه في المسجد ، فدنوت لأسلم عليه ، فدفع في صدري ، وقال : انصرف ، وأبى أن يسلّم عليّ ، قال : فخشيت أن يتكلم بشيء يعيبني به فيرويه من حضره. قال : فتخيت ناحية (٤) ، قال : واتبعته ليخلو ، فلما خلا وبقي وحده مشيت إلى جنبه ، فقلت : يا أبا محمد ما ذنبي أنا ابن أخيك ، ومن مؤديك. قال : فما زلت أعتذر إليه وأتنصل إليه ، وما يكلمني بحرف ، وما يرد على كلمة حتى إذا بلغ منزله واستفتح ففتح له فأدخل رجله ثم التفت إليّ فقال أنت الذي ذهبت بحديثي إلى بني مروان؟.
حدّثنا أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمّد (٥) ، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن عبد الله بن حمدون (٦) ، ثنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسن ، ثنا محمّد بن يحيى الذهلي ، ثنا أبو صالح ، حدّثني عطّاف بن خالد المخزومي ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة ، عن
__________________
(١) بذ الهيئة : رثها.
(٢) في المختصر : أخويّ.
(٣) وضع فوقها ضبّة.
(٤) زيد في «ز» : وقلت : يخلو وأكلمه ، فلما خلته الشيعة قام فصلى أربع ركعات ثم انصرف معه ناس من أصحابه.
(٥) أقحم بعدها بالأصل : أنبأنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن أحمد.
(٦) قوله : «أنبأنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون» سقط من «ز».