المخلص ، أنبأنا أبو بكر بن سيف ، أنبأنا السّري بن يحيى (١) ، أنبأنا شعيب بن إبراهيم ، أنبأنا سيف بن عمر ، عن محمّد وطلحة والمهلب ، وعمرو ، وسعيد ، قالوا : لما أجمعوا أن يضعوا بنيان الكوفة فذكر الحكاية إلى أن قال : وبنى سعد في الذي خطوا القصر ، ـ قصرا بحيال محراب مسجد الكوفة اليوم ـ وغلّق باب القصر ، وكانت الأسواق تكون في موضعه وبين يديه ، فكانت غوغاؤهم تمنع من سعد (٢) ، الحديث.
فلما بنى ادّعى الناس عليه ما لم يقل ، وقالوا : قال سعد : سكن الصويت ، وبلغ عمر ذلك ، وان الناس يسمّونه قصر سعد ، فدعا محمّد بن مسلمة فسرّحه إلى الكوفة فقال : اعمد إلى القصر حتى تحرق بابه ، ثم ارجع عودا على بدئك ، فخرج حتى قدم الكوفة ، فاشترى حطبا ، ثم أتى به القصر ، فأضرم الباب ، وأتي سعد ، فأخبر الخبر ، فقال : رسول أرسل لهذا من الشأن وبعث لينظر من هو؟ فإذا هو محمّد بن مسلمة ، فأرسل إليه : أن أدخل ، فأبى ، فخرج إليه سعد ، فأراده على الدخول ، والنزول ، فأبى ، وعرض عليه نفقة ، فلم يأخذ ، ودفع كتاب عمر إلى سعد : بلغني أنك بنيت قصرا اتّخذته حصنا ويسمى قصر سعد ، وجعلت بينك وبين الناس بابا ، فليس بقصرك ولكنه قصر الخيال ، انزل منه منزلا مما يلي بيوت الأموال وأغلقه عليك ، ولا تجعلن على القصر بابا تمنع الناس من دخوله ، وتنفيهم به عن حقوقهم ، ليوافقوا مجلسك ومخرجك من دارك إذا خرجت ، فحلف له سعد ما قال الذي قالوا ؛ فرجع محمّد من فوره ، حتى إذا دنا من المدينة فني زاده ، فتبلغ بلحاء من لحاء الشجر ، فقدم على عمر ، وقدم سلق ، فأخبره خبره كله ، فقال : فهلّا قبلت من سعد ، فقال : لو أردت ذلك كتبت لي به ، وأذنت لي فيه ، فقال عمر : إنّ أكمل الرجال رأيا من إذا لم يكن عنده عهد من صاحبه أن يعمل بالجزم أو يقول ولا ينكل عليه ، وأخبره بيمين سعد وقوله ، فصدّق سعدا ، وقال : هو أصدق ممّن روى عنه ، وممّن أبلغني.
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد أنا (٣) شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج الشاشي ببخارى ـ إجازة ـ ثنا أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب عن إبراهيم بن بشار ، عن ابن عيينة ، ثنا عمرو بن دينار قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول :
__________________
(١) راجع الخبر في تاريخ الطبري ٢ / ٤٧٩ ـ ٤٨٠ (ط. بيروت) حوادث سنة ١٧.
(٢) تحرفت في «ز» إلى : «سمع» وفي الطبري : تمنع سعدا الحديث.
(٣) تصحفت بالأصل إلى : «أن» والمثبت عن «ز».