بعثنا عثمان بن عفّان في خمسين راكبا أميرنا محمّد بن مسلمة الأنصاري ، فتكلم الذين جاءوا من مصر ، فاستقبلنا رجل منهم في يده مصحف متقلدا (١) سيفا ، تذرف عيناه ، فقال : ها إن هذا يأمرنا أن نضرب بهذا على ما في هذا ، فقال محمّد بن مسلمة : اسكت ، فنحن ضربنا بهذا على ما في هذا قبلك ، أو قبل أن تولد.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد ، ثنا محمّد بن علي الجوزجاني ، ثنا عبد الله بن عبد الوهّاب الحجي (٢) ، حدّثني إبراهيم بن جعفر الأنصاريّ ، حدّثني رجل منا اسمه سليمان بن محمّد بن محمود بن محمّد بن مسلمة ، عن سعد بن زيد بن سعيد الأشهلي أنه أهدى للنبي صلىاللهعليهوسلم أو أهدي للنبي صلىاللهعليهوسلم سيفا (٣) من نجران ، فلمّا قدم عليه أعطاه محمّد بن مسلمة ، فقال : «جاهد بهذا في سبيل الله ، فإذا اختلفت أعناق الناس فاضرب به الحجر ، ثم ادخل بيتك فكن حلسا (٤) حتى تقتلك كف خاطئة ، أو تأتيك منية قاضية» [١١٦٩٨]
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا ابن (٥) الفهم ، ثنا محمّد بن سعد (٦) ، أنبأنا سعيد بن محمّد الثقفي ، ثنا إسماعيل بن رافع ، ثنا زيد بن أسلم ، عن محمّد بن مسلمة قال : أعطاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم سيفا ، فقال : «يا محمّد بن مسلمة ، جاهد بهذا السيف في سبيل الله حتى إذا رأيت من المسلمين فئتين يقتتلان فاضرب به الحجر حتى تكسره ، ثم كفّ لسانك ويديك حتى يأتيك منيّة قاضية أو يد خاطئة» ، فلمّا قتل عثمان وكان من أمر الناس ما كان ، خرج إلى صخرة في فنائه ، فضرب الصّخرة بسيفه حتى كسره [١١٦٩٩].
قال : وأنبأنا ابن سعد (٧) ، حدّثنا كثير بن هشام ، ثنا جعفر بن برقان ، ثنا إسحاق بن عبد الله (٨) بن أبي فروة بنحو هذا الحديث ، قال : وكان محمّد بن مسلمة يقال له حارس (٩) نبي
__________________
(١) في «ز» : متقلدا.
(٢) في «ز» : المحبي.
(٣) بالأصل : سيف ، والمثبت عن «ز».
(٤) الحلس : بكسر فسكون : الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب ، والعرب تشبه بالحلس إذا أريد للدلالة على لزوم الأمر وعدم مفارقته. يريد : الزم بيتك.
(٥) تحرفت إلى : «أبو» والمثبت عن «ز».
(٦) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٤٥.
(٧) المصدر السابق.
(٨) الأصل : «عبيد الله» والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.
(٩) عن ابن سعد : فارس.