فقبل ، فقال له محمّد : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقبل بالوحي ما شاء ، ويمتنع ممّا شاء ، ولو كانت هدية الأخ لأخيه لقبلتها ، ولكنها هدية إمام شر من خلفها ، فقال عمرو : قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطّاب واليا ، والله لقد رأيت العاص بن وائل يلبس الديباج المزرّر بالذهب ، وإنّ الخطّاب ليحمل الحطب بمكة على حماره ، فقال له محمّد بن مسلمة : أبوه وأبوك في النار ، وعمر خير منك ، ولو لا اليوم الذي أصبحت تذمّ لألفيت معتقلا عنزا يسوؤك غزرها (١) ويسوؤك بكؤها (٢) فقال عمرو : وهي فلتة المغضب وهي عندك أمانة ، ثم أحضره ماله ، فقاسمه.
أخبرنا أبو الحسن بن البقشلان ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمّد ، حدّثني يعقوب بن إبراهيم العبدي ، حدّثني عبد الرّحمن بن مهدي ، ثنا سفيان ، عن أبيه ، عن عباية بن رفاعة قال : بعث عمر بن الخطاب محمّد بن مسلمة إلى سعد ، وكان يقال من أنهك أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ يعني : ابن مسلمة ـ.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل ، قالا : ثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، ثنا الحسين بن الحسن ، أنبأنا عبد الله ابن المبارك ، أنبأنا سفيان بن عيينة ، عن عمر بن سعيد ، عن أبيه ، عن عباية بن رفاعة بن رافع (٣) قال : بلغ عمر بن الخطّاب أن سعدا (٤) اتخذ قصرا وجعل عليه بابا ، وقال : انقطع الصويت ، فأرسل عمر محمّد بن مسلمة وكان إذا أحب أن يؤتي بالأمر كما يريد بعثه ، فقال له : ائت سعدا ، فاحرق عليه بابه ، فقدم الكوفة ، فلمّا أتى الباب أخرج زنده فاستورى نارا ثم أحرق الباب ، فأتى سعد فأخبر به ووصفت له صفته ، فعرفه فخرج إليه سعد ، فقال محمّد : إنه بلغ أمير المؤمنين عنك أنك قلت : انقطع الصويت ، فحلف سعد بالله ما قال ذلك ، فقال محمّد : نقصد الذي أمرنا ونؤدّي عنك ما تقول ، ثم ركب راحلته ، فلمّا كان ببطن الرمة (٥) أصابه من الخمص والجوع ما الله به أعلم ، فأبصر غنما ، فأرسل غلامه بعمامته فقال : اذهب فابتع بها (٦) شاة ، فجاء الغلام بشاة وهو يصلّي ، فأراد ذبحها ، فأشار إليه أن يكف ، فلمّا قضى
__________________
(١) غزرها : ألبانها.
(٢) بكؤها : قلّة ألبانها.
(٣) الخبر في تاريخ الطبري ٤ / ٤٧.
(٤) بالأصل : «ابن سعد» تصحيف والتصويب عن «ز» ، وفيها : «ان سعد».
(٥) بطن الرمة : واد بعالية نجد.
(٦) بالأصل و «ز» : «منها».