مسلمة : وأنا أعزم على نفسي أن لا آتيه حتى أصلّي ركعتين ، فدخل في الصّلاة ، وجاء عمر ، فقعد إلى جنبه ، فلمّا قضى صلاته قال : شيء أردت أن تخبرني عنه ، قال : أو غير ذلك تسألني ، فإن شئت أن أخبرك أخبرتك ، وإلّا لم أخبرك ، قال : وذاك أخبرني عن رفعك صوتك في مصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالتكبير ، وقولك : صدق الله ورسوله ، ما هذا؟ قال : يا أمير المؤمنين ، أقبلت أريد المسجد ، فاستقبلني فلان بن فلان القرشي ، عليه حلة ، قلت : من كساك هذه؟ قال : أمير المؤمنين ، فجاوزت ، فاستقبلني فلان بن فلان [القرشي عليه حلة ، فقلت : من كساك هذه؟ قال : أمير المؤمنين ، فجاوزت فاستقبلني فلان بن فلان](١) الأنصاري عليه حلة دون الحلتين ، فقلت : من كساك هذه؟ قال : أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أما إنّكم سترون بعدي أثرة» ، وإنّي لم أكن أحبّ أن يكون على يديك يا أمير المؤمنين ، قال : فبكى عمر ثم استغفر الله ، والله لا أعود ، قال : فما رئي بعد ذلك اليوم فضّل رجلا من قريش على رجل من الأنصار.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس ، وأبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما ، قالا : أنبأنا أبو بكر الباطرقاني ، أنبأنا أبو (٢) عبد الله بن مندة ، أنبأنا أبو سعيد بن يونس ، ثنا علي بن الحسن (٣) بن قديد ، ثنا عبد الرّحمن بن عبد الله ابن عبد الحكم ، ثنا معاوية بن صالح الأشعري ، عن محمّد بن سماعة الرملي ، ثنا عبد الله بن عبد العزيز ـ شيخ ثقة ـ قال : بعث عمر بن الخطّاب محمّد بن مسلمة إلى عمرو بن العاص ، وكتب إليه : أمّا بعد ، فإنكم معاشر العمّال قعدتم على عيون الأموال ، فجبيتم (٤) الحرام وأكلتم الحرام ، وأوديتم (٥) الحرام ، وقد بعثت إليك محمّد بن مسلمة ليقاسمك مالك ، فأحضره مالك ، والسلام.
فلما قدم محمّد بن مسلمة ، أهدى إليه عمرو بن العاص هدية ، فردّها ، فغضب عمرو وقال : يا محمّد ، رددت هديتي؟ فقد أهديت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقدمي من ذات السلاسل (٦)
__________________
(١) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل. وهو مثبت في «ز».
(٢) سقطت من «ز».
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «الحسين» والمثبت عن «ز». انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٣٥.
(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : فجنيتم.
(٥) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «أرديتم» وفي المختصر : أوكيتم.
(٦) يريد غزوة ذات السلاسل ، وقد عقد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لواءها لعمرو بن العاص وبعثه في سراة المهاجرين والأنصار.
وذات السلاسل موضع وراء وادي القرى ، على عشرة أيام من المدينة.