الْآزِفَةُ) (١) ، (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) (٢). (مِنَ اللهِ) يحتمل أن يكون متعلقا بباءوا إذا كان باء بمعنى رجع ، وكأنهم كانوا مقبلين على الله تعالى ، فبعصيانهم رجعوا منه ، أي من عنده بغضب. ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف ويكون في موضع الصفة ، أي بغضب كائن من الله ، وهذا الوجه ظاهر إذا كان باء بمعنى استحق ، أو بمعنى نزل وتمكن ، ويبعد الوجه الأول ، وفي وصف الغضب بكونه من الله تعظيم للغضب ، وتفخيم لشأنه. (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) الإشارة إلى المباءة بالغضب ، أو المباءة. والضرب وهو مبتدأ ، والجار والمجرور بعده خبر ، والباء للسبب ، أي ذلك كائن بكفرهم وقتلهم.
(كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) : الآيات المعجزات التسع وغيرها التي أتى بها موسى ، أو التوراة ، أو آيات منها ، كالآيات التي فيها صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو فيها الرّجم ، أو القرآن ، أو جميع آيات الله المنزلة على الرسل ، أقوال خمسة ، وإضافة الآيات إلى الله لأنها من عنده تعالى. (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) : قتلوا يحيى وشعيا وزكريا. وروي عن ابن مسعود قتل بنو إسرائيل سبعين نبيا ، وفي رواية ثلاثمائة نبي في أول النهار ، وقامت سوق قتلهم في آخره. وعلى هذا يتوجه قراءة من قرأ : يقتلون بالتشديد لظهور المبالغة في القتل ، وهي قراءة علي. وقرأ الحسن : وتقتلون بالتاء ، فيكون ذلك من الالتفات. وروي عنه بالياء كالجماعة ، ولا فرق في الدلالة بين النبيين والأنبياء ، لأن الجمعين إذا دخلت عليهما أل تساويا بخلاف حالهما إذا كانا نكرتين ، لأن جمع السلامة إذ ذاك ظاهر في القلة ، وجمع التكسير على أفعلاء ظاهر في الكثرة. وقرأ نافع : بهمز النبيين والنبيء والأنبياء والنبوءة ، إلا أن قالون أبدل وأدغم في الأحزاب في : (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) (٣) إن أراد وفي (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ) (٤) ، في الوصل. وقرأ الجمهور بغير همز ، وقد تقدّم الكلام عليه في المفردات.
(بِغَيْرِ الْحَقِ) : متعلق بقوله : وتقتلون ، وهو في موضع نصب على الحال من الضمير في تقتلون ، أي تقتلونهم مبالغة. قيل : ويجوز أن تكون منعة لمصدر محذوف ، أي قتلا بغير حق. وعلى كلا الوجهين هو توكيد ، ولم يرد هذا على أن قتل النبيين ينقسم إلى قتل بحق وقتل بغير حق ، بل ما وقع من قتلهم إنما وقع بغير حق ، لأن النبي معصوم من أن يأتي أمرا يستحق عليه فيه القتل ، وإنما جاء هذا القيد على سبيل التشنيع لقتلهم ، والتقبيح
__________________
(١) سورة النجم : ٥٣ / ٥٧.
(٢) سورة القمر : ٥٤ / ١.
(٣) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٠.
(٤) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٣.