أراده الله. والثاني : أن تكون ماذا كلها استفهاما ، وتركيب ذا مع ما ، وتكون مفعولا بإرادة التقدير ، أي شيء أراده الله ، وهذان الوجهان فصيحان. قال ابن عطية : واختلف النحويون في ماذا فقيل : هي بمنزلة اسم واحد بمعنى أي شيء أراد الله ، وقيل : ما اسم وذا اسم آخر بمعنى الذي ، فما في موضع رفع بالابتداء وذا خبره. انتهى كلام ابن عطية ، وظاهره اختلاف النحويين في ماذا هنا وليس كذلك ، إذ هما وجهان سائغان فصيحان في لسان العرب وليست مسألة خلاف عند النحويين ، بل كل من شدا طرفا من علم النحو يجوز هذين الوجهين في ماذا هنا ، وكذا كل من وقفنا على كلامه من المفسرين والمعربين ذكروا الوجهين في ماذا هنا. والإرادة بالتفسير اللغوي ، وهي ميل القلب إلى الشيء ، يستحيل نسبتها إلى الله تعالى. قال بعض المفسرين : الإرادة ماهية يجدها العاقل من نفسه ويدرك التفرقة البديهية بينها وبين علمه وقدرته ولذته وألمه. وقال المتكلمون : إنها صفة تقتضي رجحان طرفي الجائز على الآخر في الإيقاع ، لا في الوقوع ، واحترز بهذا القيد الأخير من القدرة. وأهل السنة يعتقدون أن الله مريد بإرادة واحدة أزلية موجودة بذاته ، والقدرية المعتزلة والنجارية والجهمية وبعض الرافضة نفوا الصفات التي أثبتها أهل السنة ، والبهشمية والبصريون من المعتزلة يقولون بحدوث إرادة الله تعالى لا في محل ، والكرّامية تقول بحدوثها فيه تعالى ، وإنها إرادات كثيرة ، وأكثرهم زعموا مع القول بالحدوث أنه يستحيل فيها العدم ، ومنهم من قال يجوز عدمها ، وهذه المسألة يبحث فيها في أصول الدين. وانتصاب مثلا على التمييز عند البصريين ، أي من مثل ، وأجاز بعضهم نصبه على الحال من اسم الإشارة ، أي متمثلا به ، والعامل فيه اسم الإشارة ، وهو كقولك : لمن حمل سلاحا رديئا ، ماذا أردت بهذا سلاحا ، فنصبه من وجهين : التمييز والحال من اسم الإشارة. وأجاز بعضهم أن يكون حالا من الله تعالى ، أي متمثلا. وأجاز الكوفيون أن يكون منصوبا على القطع ، ومعنى هذا أنه كان يجوز أن يعرب بإعراب الاسم الذي قبله ، فإذا لم تتبعه في الإعراب وقطعته عنه نصب على القطع ، وجعلوا من ذلك.
وعالين قنوانا من البسر أحمرا
فأحمر عندهم من صفات البسر ، إلا أنه لما قطعته عن إعرابه نصبته على القطع وكان أصله من البسر الأحمر ، كذلك قالوا : ما أراد الله بهذا المثل. فلما لم يجر على إعراب هذا ، انتصب مثلا على القطع ، وإذا قلت : عبد الله في الحمام عريانا ، ويجيء زيد راكبا ، فهذا ونحوه منصوب على القطع عند الكسائي. وفرق الفراء فزعم أن ما كان فيما قبله دليل