المقدمة الخامسة
إعلم ، أنّ الخراج هو : ما يضرب على الأرض كالاُجرة لها ، وفي معناه المقاسمة غير أنّ المقاسمة تكون جزءً من حاصل الزرع ، والخراج مقدار من النقد يضرب عليها. وهذا هو المراد ب القبالة والطسق في كلام الفقهاء.
ومرجع ذلك إلى نظر الإمام حسب ما تقتضيه مصلحة المسلمين عرفاً ، وليس له في نظر الشرع مقدار معيّن لا تجوز الزيادة عليه ، ولا النقصان منه.
ويدلّ على ذلك وجوه.
الأوّل : أنّ الخراج والمقاسمة كالأجرة ، وهي منوطة بالعرف ، متفاوتة بتفاوت الرغبات. إمّا الاُولى فلأنّها في مقابل منافع الأرض ، ولا نريد بمشابهتها للاُجرة إلا ذلك. وأمّا الثانية فظاهرة.
قال العلامة في « المنتهى » (١) في باب قتال البغاة ، في توجيه كلام الشيخ رحمهالله حيث قال فيها.
لو ادعى من بيده أرض الخراج عند المطالبة به بعد زوال يد أهل البغي أداءه إلى أهل البغي لم يقبل قولهم.
وجهه : أن الخراج معاوضة لأنّه ثمن أو أجرة فلم يقبل قولهم في أدائه كغيره
__________________
(١) انظر ص ٩٨٩.