قال : وسمعت فضيلا يقول (١) :
لو أنّ دعوة مستجابة ما صيرتها إلّا في الامام ، قيل : وكيف ذلك يا أبا علي؟ قال : متى ما صيّرتها في نفسي لم تجزني (٢) ، ومتى صيّرتها في الإمام فإصلاح (٣) الامام إصلاح (٤) العباد والبلاد ، قيل : وكيف ذلك يا أبا علي؟ فسّر لنا هذا ، قال : أمّا إصلاح (٥) البلاد فإذا أمن الناس ظلم الإمام عمّروا الخرابات فتركوا (٦) الأرض ، وأما العباد فينظروا إلى قوم من أهل الجهل فيقول : قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلّم القرآن وغيره ، فيجمعهم في دار ، خمسين خمسين ، أقلّ أو أكثر ، يقول لرجل : لك ما يصلحك ، وعلّم هؤلاء أمر دينهم ، وانظر ما أخرج الله من فيهم مما يزكي الأرض فردّه عليهم ، فقال : كذا صلاح العباد والبلاد.
وقال رباح الكوفي : إن ابن المبارك قبّل جبهته في هذا الحديث فقال : يا معلّم الخير من يحسن هذا غيرك؟
قال : وسمعت فضيلا يقول (٧) :
إنّما سمّي الصّديق ليصدقه ، وإنّما سمّي الرفيق لترفقه ، أي ليس في السفر وحده ، [بل](٨) في السفر والحضر ، قلنا : يا أبا علي فسّر لنا هذا ، قال : أما الصّديق لتصدقه ، فإذا رأيت منه أمرا تكرهه فعظه ، ولا تدعه يتهور ، وأما الرفيق فإن كنت أعقل منه فارفقه بفعلك (٩) ، وإن كنت أحلم منه فارفقه بحلمك [وإن كنت أعلم منه فارفقه بعلمك](١٠) وإن كنت أغنى منه فارفقه بمالك.
قال : وسمعت فضيلا يقول (١١) :
ما لكم والملوك؟ ما أعظم منّتهم عليكم ، أن قد تركوا لكم طريق الآخرة ، فاركبوا
__________________
(١) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٨ / ٩١ ومختصر في سير أعلام النبلاء ٨ / ٤٣٤.
(٢) بدون إعجام بالأصل ، وفي الحلية : «تحزني» والتصويب عن المختصر.
(٣) في الحلية : «صلاح».
(٤) في الحلية : «صلاح».
(٥) في الحلية : «صلاح».
(٦) كذا بالأصل ، وفي الحلية : «ونزلوا الأرض» ، وفي المختصر : فتزكو الأرض.
(٧) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٨ / ١١٢.
(٨) زيادة للإيضاح عن حلية الأولياء.
(٩) في الحلية : فارفقه بعقلك.
(١٠) الزيادة بين معكوفتين عن حلية الأولياء.
(١١) الخبر رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ٨ / ١٠٢.