يدعونه بعد إلى طعامهم وشرابهم فيجيبهم ، إنّما الآمر الناهي الذي اعتزلهم ، ولم يدخل عليهم ، فهو الآمر الناهي.
قال : واجتمعوا يوما عند الفضيل فقال بعض من كان معنا : فيكم من يقرأ القرآن؟ فقرأ بعض القوم ممّن كان معنا ، فلما سمع القرآن خرج وعينيه تشخب دموعا وهو يقول : كلام الله عزوجل ، فلمّا فرغ القارئ من قراءته دعا بدعوات ثم قال لنا : إخواني لو علمت أنكم تريدون هذا العلم لله لرحلت إليكم إلى منازلكم ، فإن كنتم صادقين فعليكم بالقرآن حتى متى تعلمون ولا تعملون ، حتى متى ترحلون ولا تنتفعون.
قال : وسمعت الفضيل يقول : لم تتزين العباد بشيء أفضل من الصدق ، والله عزوجل سائل الصادقين عن صدقهم فكيف بالكذّابين المساكين.
قال : وسمعت الفضيل يقول : لم ينبل من نبل بالحج (١) ، والجهاد ، ولا بالصوم ، ولا بالصلاة ، إنّما نبل عندنا من كان يعقل أيش يدخل جوفه ـ يعني ـ الرغيفين من حله.
قال (٢) : وسمعت فضيلا.
ح وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، وأبو المظفّر بن القشيري ، قالا : أنبأنا أبو سعيد محمّد بن علي الخشاب ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن عبد الله الجوزقي ، أنبأنا أبو العباس محمّد ابن عبد الرّحمن الدّغولي قال : سمعت أبا الحسين المظفّري قال : سمعت عبد الصمد بن يزيد يقول : سمعت الفضيل يقول :
المؤمن ينظر بنور الله ، الناس منه في راحة ، وهو بركة على من جلس إليه لا يغتاب أحدا ، كريم الخلق ، لين الجانب ، والمنافق عيّاب غيّاب ـ زاد أبو علي : خشن (٣) الجانب ، خشن (٤) الكلام وقالا : ـ إن رأى خيرا كتمه ، وإن رأى زلّة كشفها ، غضب الله عليه ، ومأواه جهنم ، لأن الله قال : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)(٥).
زاد المظفّري : قال : وسمعت عبد الصمد بن يزيد يقول : وسمعت الفضيل يقول :
__________________
(١) بالأصل : «باللجج» والمثبت عن المختصر.
(٢) القائل : عبد الصّمد بن يزيد ، مردويه.
(٣) كذا بالأصل.
(٤) بالأصل ـ في الموضعين ـ «حسن» تصحيف ، والتصويب عن المختصر.
(٥) سورة النساء ، الآية : ١٤٥.