فبلغ ذلك عمر بن الوليد بن عبد الملك فكتب (١) إليه.
إنك أزريت على من كان قبلك من الخلفاء ، وعبت عليهم ، وسرت بغير سيرتهم بغضا لهم وشنآنا لمن بعدهم من أولادهم ، قطعت ما أمر الله أن يوصل ، إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم ، فأدخلتها بيت المال جورا وعدوانا ، فاتق الله يا ابن عبد العزيز وراقبه إن شططت ، لم تطمئن على منبرك خصصت أولى قرابتك بالظلم والجور ، فوالذي خص محمّدا صلىاللهعليهوسلم بما خصه به ، لقد ازددت من الله عزوجل بعدا في ولايتك هؤلاء إن زعمت أنها عليك بلاء ، فأقصر بعض ميلك ، واعلم أنك بعين جبّار وفي قبضته ، ولن تترك على هذا ، اللهم (٢) فسل سليمان بن عبد الملك عما صنع بأمة محمّد صلىاللهعليهوسلم.
فلما قرأ عمر بن عبد العزيز كتابه كتب إليه :
بسم الله الرّحمن الرحيم ، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمر بن الوليد ، السلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
أما بعد ، فقد بلغني كتابك وسأجيبك بنحو منه ، أما أول شأنك ابن الوليد كما زعم ، فأمك بنانة أمة للسكون ، كانت تطوف في سوق حمص ، وتدخل في حوانيتها ، ثم الله أعلم بما (٣) ، اشتراها دينار بن دينار من (٤) فيء المسلمين فأهداها لأبيك فحملت بك ، فبئس المحمول وبئس المولود ، ثم نشأت فكنت جبارا عنيدا تزعم أنّي من الظالمين إن حرمتك وأهل بيتك في الله عزوجل الذي هو حق القرابة والمساكين والأرامل ، وإن أظلم مني ، وأترك لعهد الله من استعملك صبيا سفيها على جند المسلمين ، تحكم فيهم برأيك ، ولم تكن له في ذلك نيّة إلّا حب الوالد لولده ، فويل لك وويل لأبيك ما أكثر خصماؤكما يوم القيامة؟ كيف ينجو أبوك من خصمائه؟
وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من استعمل الحجّاج بن يوسف على خمسي (٥) العرب يسفك الدماء الحرام ، ويأخذ المال الحرام.
__________________
(١) كتاب عمر بن الوليد إلى عمر بن عبد العزيز في سيرة عمر لابن الجوزي ص ١٣٣.
(٢) في «ز» : الفهم.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي سيرة عمر : بها.
(٤) بالأصل : دينارين ، والمثبت عن «ز» ، وم ، وفي سيرة عمر لابن الجوزي : ذبيان بن ذبيان.
(٥) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي سيرة عمر : خمس.