عليها ، فقلت : يا بني ألم تكن قد متّ؟ قال : بلى ، استشهدت ، فأنا في الأحياء المرزوقين ، قال : قلت : مجيء ما جئت؟ قال : توفي عمر الليلة ، فنادى منادي (١) من السماء أن يتلقى جنازته جميع الأنبياء والشهداء ، فأنا فيهم ، قال : فاسترجعت ، فلمّا أردت أن أنهض أومأ إليّ الشيخ ، قال : قد حفظت الرؤيا التي كنت عنها سألت ، ثم تلا : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ، ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ، ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ)(٢) ثم قام إلى صلاته ، وما كلّمني بكلمة عداها ، فمضيت فلم أدرك عمر.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو منصور بن شكرويه ، وأبو بكر السّمسار ، قالا : أنا إبراهيم بن عبد الله بن محمّد بن خرّشيد (٣) قوله ، نا أبو عبد الله المحاملي ، نا عبد الله بن شبيب ، حدّثني أبو بكر بن شيبة ، نا عبد الملك بن عبد العزيز ، حدّثني عبد العزيز بن محمّد ، وعلي بن عبد الله بن بعجة (٤) ، عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة قال :
بينما رجل في أندر له بالشام ـ قال أبو سعيد : الأندر : البيدر ـ يعالجه في بعض قرياته ومعه زوجته ، وقد كان ابن له استشهد قبل ذلك بما شاء الله ، إذ رأى الرجل فارسا قد أقبل ، فقال لامرأته : ابني وابنك يا فلانة ، قالت له : اخس عنك الشيطان ، ابنك قد استشهد منذ حين وأنت مفتون ، قال : فأقبل على عمله ، واستغفر الله ، قال : ثم نظر وأتى الفارس ، فقال : ابنك والله يا فلانة ، ونظرت فقالت : هو والله هو ، فوقف عليهما فتزهزها إلى القيام إليه ، فقال له أبوه : أليس قد استشهدت يا بني؟ قال : بلى ، ولكن عمر بن عبد العزيز توفي في هذه الساعة من هذا اليوم ، واستأذن الشهداء ربّهم ـ تعالى ذكره ـ في شهوده ، فكنت منهم ، فاستأذنته في السلام عليكما ، قال : ثم دعا لهم وانصرف ، قال : فمات ـ يعني ـ عمر بن عبد العزيز تلك الساعة وما كان لأهل القرية إلّا بحديث الشيخ.
قال : ووجد قد توفي في تلك الساعة في ذلك اليوم.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني ، أنا أبو نصر عبد الوهّاب بن عبد الله المرّي ، أنا أبو سليمان بن زبر قال : نا أبو إسحاق إبراهيم بن مروان ، نا مؤمّل بن
__________________
(١) كذا بالأصل وم وز منادي ، باثبات ياء المنقوص.
(٢) سورة الشعراء ، الآية : ٢٠٥ ـ ٢٠٧.
(٣) في «ز» : خورشيد.
(٤) الحرف الأول في الأصل وم بدون إعجام ، أعجمت اللفظة عن «ز».