راهب ، عندك شيء من الحكمة تعظني به؟ فقال له : يا أمير المؤمنين ، فكن كما قال الشاعر :
تجرّد من الدنيا فإنك إنّما |
|
خرجت إلى الدنيا وأنت مجرّد |
قال : فولى عمر بن عبد العزيز وهو يقول لنفسه :
تجرّد من الدنيا فإنّك إنّما |
|
خرجت إلى الدنيا وأنت مجرّد |
يرددها على نفسه.
قال الحسن بن حبيب : والله لقد قبل الموعظة وتجرّد من الدنيا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (١) ، حدّثني إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى ، حدّثني أبي ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : دعاني أبو جعفر فقال : كم كانت غلّة عمر حين أفضت إليه الخلافة؟ قلت (٢) : خمسون ألف دينار فقال : كم كانت يوم مات (٣)؟ قلت : ما زال يردّها حتى كانت غلته مائتا (٤) دينار ، ولو بقي لردها.
أخبرنا أبو الفوارس عبد الباقي بن محمّد بن عبد الباقي ، وأبو القاسم بن السمرقندي ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا خالد بن مرداس ، نا الحكم بن عمر الرّعيني قال : رأيت على عمر بن عبد العزيز قلنسوة بيضاء لاطئة برأسه ، وعمامة غليظة يعتمّ بها (٥).
قال : ونا خالد بن مرداس ، نا الحكم قال (٦) :
رأيت عمر بن عبد العزيز إذا صلى المكتوبة انصرف إلى أهله لا يتطوع ، وربّما جلس فجاء الغريب الذي لا يعرفه ، وكان يقوم من هذه الحلقة فيجلس مع هذه الحلقة يسأل عن أمير المؤمنين وأي حلقة هو فيقف لا يدري أيهم هو حتى يشار إليه : هذا أمير المؤمنين ،
__________________
(١) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٦٠٥ وتاريخ الإسلام (ترجمته) ص ١٩٩ ومختصرا في سير أعلام النبلاء ٥ / ١٣٤.
(٢) ما بين الرقمين سقط من المعرفة والتاريخ.
(٣) ما بين الرقمين سقط من المعرفة والتاريخ.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وتاريخ الإسلام وسير الأعلام ، وفي المعرفة والتاريخ : مائة دينار.
(٥) سيرة عمر لابن الجوزي ص ١٧٥.
(٦) سيرة عمر لابن الجوزي ص ١٧٥.