قال رجاء : وأخذت بضبعي عمر ، فأجلسته على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه هشام يسترجع لما أخطأه ، فلما انتهى هشام إلى عمر قال : إنّا لله وإنا إليه راجعون ، أن حيث صار هذا الأمر إليك على ولد عبد الملك ، قال : فقال عمر : نعم ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون حين صار إليّ لكراهيتي له ، قال : وغسل سليمان وكفّن وصلّى عليه عمر بن عبد العزيز.
قال رجاء : فلما فرغ من دفنه أتي بمراكب الخلافة البراذين والخيل والبغال ، ولكلّ دابّة سائس ، فقال : ما هذا؟ فقالوا : مراكب الخلافة ، فقال عمر : دابتي أوثق لي ، فركب بغلته وصرفت تلك الدواب ، ثم أقبل ، فقيل : تنزل منزل الخلافة ، فقال : فيه عيال أبي أيوب وفي فسطاطي كفاية ، حتى يتحولوا ، فأقام في منزله حتى فرّغوه بعد.
قال رجاء : فلما كان مسي ذلك اليوم قال : يا رجاء ادع لي كاتبا ؛ فدعوته وقد رأيت منه كلّ ما يسرّني ، صنع في المراكب ما صنع ، وفي منزل سليمان ، فقلت : فكيف يصنع الآن في الكتاب؟ أيضع نسخا أم ما ذا؟ قال : فلمّا جلس الكاتب أملى عليه كتابا واحدا من فيه إلى يد الكاتب بغير نسخة ، فأملى أحسن إملاء وأبلغه وأوجزه ، وأمر بذلك الكتاب فنسخ إلى كل بلد.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (١) ، نا الرّبيع بن روح ، نا عثمان بن عبد الرّحمن ، عن يعقوب بن جعدة ، عن حمّاد العدوي قال : سمعت صوتا عند وفاة سليمان بن عبد الملك يقول :
اليوم حلّت واستقرّ قرارها |
|
على عمر المهديّ قام عمودها |
أخبرنا أبو طاهر محمّد بن محمّد بن عبد الله السّنجي ، أنا علي بن أحمد بن محمّد المديني المؤذن ، نا أبو بكر ، نا يحيى بن إبراهيم بن محمّد بن يحيى ، أخبرني أبو بكر محمّد بن داود الزاهد ، حدّثني إبراهيم بن عبد الواحد العبسي ، نا وريزة (٢) بن محمّد ، نا جعفر بن مكرم ، نا محمّد بن الضّحّاك بن عثمان ، عن أبيه قال (٣) :
__________________
(١) الخبر والبيت في المعرفة والتاريخ ١ / ٦١١ وسيرة عمر لابن الجوزي ص ٥٦.
(٢) بالأصل و «ز» : وزيرة ، وبدون إعجام في م ، والمثبت والضبط عن تبصير المنتبه ٤ / ١٤٧١.
(٣) الخبر والشعر في سيرة عمر لابن الجوزي ص ٦٤ وتاريخ الإسلام (ترجمته) ص ١٩٤ وسير أعلام النبلاء ٥ / ١٢٧ والبيتان أيضا في صفة الصفوة ٢ / ١١٣ وطبقات ابن سعد ٥ / ٣٤٠.