بالدعوى أن سليمان وجّه نشاطه لاستكمال مشروع والده ، وربما بوسائل أخرى : دبلوماسية وسياسية وتجارية وغيرها. وتنتقد التوراة علاقات سليمان الخارجية ، وخصوصا مسألة زواجه الدبلوماسي واسع النطاق. وتعتبر أنه أدخل العبادات الأجنبية إلى مملكة إسرائيل ، والتي تنافس ديانة يهوى على قلوب الإسرائيليين. كما تتخذ التوراة موقفا متعاطفا مع عامة الشعب المتذمر من أعباء الضرائب وأعمال السخرة التي فرضها على الناس لإنجاز أعماله المعمارية الكثيرة.
وبحسب التوراة ، حلّت العلاقات التجارية المتشعبة التي أقامها سليمان محل الحروب التي خاضها داود ، فأصبحت السمة البارزة لعصره. ونتيجة ذلك ، ازدهرت مملكته وتعاظم دخلها ، من مواردها الذاتية ، ومن تجارة الترانزيت التي مرت بالأراضي التي يحكمها ، مستفيدا من موقعها الاستراتيجي المهم ، فضلا عن نشاط بلاطه التجاري لحسابه الخاص. وبناء على ذلك ، فقد أولى طرق التجارة أهمية قصوى ، فبنى الحصون والقلاع لحمايتها : حاصور ومجدو وجيزر وعتسيون جيبر (العقبة ـ أيلة) وغيرها. وأقام جيشا محمولا على مركبات عسكرية لحفظ الأمن على تلك الطرق. ويتضح أنه اهتم بتوسيع عاصمته وتزيينها ، فبنى قصرا لنفسه ، وهيكلا ليهوى ، أراده مركزيا للمملكة ، وبديلا من جميع مراكز العبادة المحلية الأخرى.
وكان لا بدّ من أن يترافق ذلك مع تطوير جهاز الدولة الإداري ، بما يتواكب والتحولات الجارية فيها. فقسّم المملكة إلى اثني عشر لواء ، لعله الأساس في تقسيم بني إسرائيل إلى اثني عشر سبطا ، كعملية مصطنعة ، هدفها المركزي توزيع أعباء مستلزمات البلاط الملكي والهيكل خلال أشهر السنة ، بحيث يتكفل كل منها ذلك شهرا في العام. كما زاد سليمان في مركزية السلطة في البلاط والجيش ، وعمم أعمال بيت الملك (السخرة) على جميع الإسرائيليين بحسب الحاجة ، خلافا لسياسة والده الذي حصرها بغيرهم. ويذكر أنه استغل مناجم النحاس في العربة (تمنع) ، كما اشتغل بتجارة الخيول وعربات الحرب وبالمعادن الثمينة والأحجار الكريمة ، وحتى الطيور والحيوانات النادرة.
وعلى الرغم من الثراء الأسطوري الذي جمعه سليمان ، فإن نشاطه العمراني الواسع ، وإدارة بلاطه الفاخر ، ومستلزمات حكومته وجيشه ، قد استنزفت موارده. وبناء عليه ، اضطر إلى زيادة أعمال السخرة ، ومضاعفة الضرائب ، الأمر الذي أدى إلى إفقار سكان الريف ، وبالتالي تفاقم التململ بين القبائل ، وخصوصا في منطقة سبط إفرايم بمحيط شيكم ، الذي ساءه جدا التمييز الذي تمتع به سبط يهودا ـ قبيلة