الملك. ولتسديد ديونه لملك صور ، حيرام ، الذي زوّده بمواد البناء والحرفيين المهرة ، عمد سليمان إلى بيعه عشرين مدينة في الجليل (قضاءي كابول ومعلوت). ويظهر أن الأراميين ، في دمشق وصوبا وحماة ، نقضوا ما كان بينهم وبينه من اتفاقات تجارية ، الأمر الذي زاد في أوضاعه الاقتصادية سوءا.
ويتضح أن سليمان ، في أواخر عهده ، فشل في ضبط الأوضاع الداخلية والحفاظ على العلاقات الخارجية لمملكته ، إذ راحت الحالة العامة تتردى. والازدهار الذي شهدته المملكة ، والذي حفزه على القيام بنشاطات عمرانية واسعة ، وبالتالي على اتخاذ إجراءات إدارية صارمة ، تمخض عن نتائج سلبية. لكن العامل الأهم في تضييق الخناق على سليمان ، كان التطورات السياسية الإقليمية. فبينما عادت مصر إلى إثبات وجودها في غرب آسيا ، وأولا في فلسطين ، برزت مملكة الأراميين في دمشق كمنافس قوي لمملكة سليمان ، عسكريا واقتصاديا. وعلاوة على ذلك اندلع تمرد في إفرايم ، بقيادة يربعام بن نباط ، وآخر في أدوم ، ويبدو أنهما كانا بدعم من مصر ، أيام السلالة ٢٢. ثم ما لبثت أشور أن عادت إلى التحرك ، وبناء الإمبراطورية مجددا.
وبموت سليمان انفجر الوضع بعنف ، وانقسمت المملكة المتحدة. فأسباط الشمال ، التي لم تسلم قط بالملك لبيت داود ، من سبط يهودا ، في حين تدّعي هي أنها من أبناء يوسف ، انتهزت الفرصة لإعلان انفصالها عن عاصمة داود ، سياسيا ودينيا. ويربعام بن نباط ، الذي كان لجأ إلى مصر بعد تمرده الفاشل على سليمان ، عاد إلى قبيلته ـ إفرايم ـ وأعلن الانفصال. ورحبعام ، ابن سليمان ووارثه ، وقف عاجزا عن التصدي لهذه الحركة الانشقاقية وقمعها. وقد آذن ذلك ببداية حرب طويلة بين المملكتين ، شهدت مراحل من المدّ والجزر ، والصدام والهدنة الموقتة ، إلى أن قضى الأشوريون على مملكة إسرائيل الشمالية ، وتبعهم الكلدانيون بإنهاء مملكة يهودا الجنوبية والصغيرة.
وعدا انقسام المملكة ، ودخول شطريها في حرب ضروس بينهما ، كان الحدث الأهم الذي عقب موت سليمان بخمس سنوات ، هو حملة الفرعون الليبي الأصل ، شيشاك (شيشنق) ، على فلسطين (نحو ٩٢٥ ق. م.). ويرد ذكر هذه الحملة في نصب تذكاري أقامه الفرعون ، واكتشف في مجدّو. وكانت الحملة أقرب إلى الغزو بهدف النهب ، منها إلى عملية في إطار خطة لإعادة السيادة المصرية على فلسطين. ونجت يهودا من الحصار والدمار بدفع جزية كبيرة ، بينما لحقت بمدن إسرائيل أضرار جسيمة. وبعد عودة شيشاك إلى مصر ، انتهز أبيام بن رحبعام ، ملك يهودا الجديد ،