وفي سنة ٨٥٣ ق. م. ، وبحسب لوحة السيرة الذاتية لملك أشور ، شلمنصّر الثالث ، اصطدمت جيوشه المتقدمة غربا بتحالف قوى بلاد الشام ، المؤلف من ١٢ ملكا ، في قرقر (بالقرب من حماة) ، وبقيادة بن هداد ، ملك دمشق. ويدّعي ملك أشور أنه كسب المعركة ، لكن الواضح أنها لم تكن حاسمة ، وانسحب شلمنصّر من دون أن يستغل النصر الذي يدّعيه. وفي اللوحة ، يرد اسم آحاب في التحالف ، وهو يقود جيشا من ٠٠٠ ، ١٠ رجل و ٢٠٠٠ مركبة. ولأول مرة يظهر في هذه اللوحة اسم جنديبو العربي ، على رأس كتيبة فيها ٠٠٠ ، ١٠ جمل. وبزوال الخطر الأشوري بعد انسحاب شلمنصّر ، عاد الوضع في بلاد الشام إلى سابق عهده من الصراع ، بينما مصير جميع القوى المنخرطة فيه يتوقف على التطورات في أشور.
وبعد معركة قرقر بفترة قصيرة ، عادت الحرب واندلعت بين دمشق وإسرائيل ، بينما الأخيرة في تحالف مع يهودا. وهزم بن هداد آحاب في المعركة ، إذ جرح ومات متأثرا بجروحه ، الأمر الذي فتح الباب لانقلاب قام به يهو ، أوصله إلى الحكم. وتدهورت أوضاع إسرائيل وحليفتها الصغرى يهودا ، بينما وسّع الأراميون نفوذهم في شرقي الأردن. وبرزت مملكة مؤاب ، حليفة الأراميين ، بقيادة ميشع الذي ترك لوحة كبيرة تقص أخبار أعماله في تحرير بلاده من نفوذ آحاب وورثته. وكل محاولات إسرائيل ، ويهودا اللاحقة لاستعادة نفوذهما شرقي النهر باءت بالفشل ، كما فشلت محاولات تحالف الأدوميين والمؤابيين والعمونيين وغيرهم للتوسع غربي النهر. كما أن الفلسطيين ، على ما يبدو ، عادوا إلى إثبات وجودهم في هذه الفترة على حساب يهودا وإسرائيل.
وركب يهو (٨٤٢ ـ ٨١٤ ق. م.) موجة النقمة الشعبية التي قادها النبي إلياهو (مار الياس ـ الخضر) ، على التأثيرات الفينيقية في بلاط الملك والمقربين منه ، بفعل إيزابيل ، وتعامل مع مؤيديها بمنتهى القسوة ، فقضى عليهم جميعا. وبذلك ضرب العلاقة مع صيدا ويهودا في آن معا ، إذ كانت عتاليا ، ابنة إيزابيل في يهودا ، تؤدّي دور أمها في إسرائيل. وكان من آثار ذلك تردي الأوضاع الاقتصادية في مملكة يهو ، إضافة إلى عزلتها السياسية. وانتهز حزئيل ، ملك أرام دمشق ، الذي وصل إلى الحكم بانقلاب أيضا ضد بن هداد ، الفرصة ، وفتح المعركة مع يهو ، ودخل أرضه ، ووصل إلى مشارف عاصمته. وفي حالة ضعفه ، توجه يهو إلى طلب المساعدة من شلمنصر الثالث ، ملك أشور ، وإعلان التبعية له. إلّا إن شلمنصّر فشل في احتلال دمشق ، وعاد إلى أشور ، تاركا لحزئيل حرية العمل ضد يهو.
ولما فشل شلمنصّر في إخضاع دمشق ، سنة ٨٤١ ق. م. ، عاد حزئيل وهاجم