هذا أبو غادية (١) الجهني ، فقال عبد الأعلى (٢) : أدخلوه ، فدخل عليه مقطّعات (٣) له ، فإذا رجل طوال ، ضرب (٤) من الرجال كأنه ليس من هذه الأمة ، فلمّا أن قعد قال : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قلت : بيمينك؟ قال : نعم ، وخطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم العقبة ، فقال : «يا أيّها الناس ألا إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن (٥) تلقوا ربّكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا هل بلّغت؟» فقلنا : نعم ، فقال : «اللهمّ اشهد» ثم قال : «ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» ، قال : ثم أتبع ذا فقال : إنّا كنا نعدّ عمّار بن ياسر فينا حنانا (٦) ، فبينا أنا في مسجد قباء إذا هو يقول : ألا إن نعثلا هذا لعثمان ، فتلفت فلو أجد عليه أعوانا لوطأته حتى أقتله ، قال : قلت : اللهم إنك إن تشأ تمكّني من عمّار ، فلمّا كان يوم صفّين أقبل يسير (٧) أول الكتيبة رجلا حتى إذا كان بين الصّفين فأبصر رجل عورة فطعنه في ركبته بالرمح ، فعثر فانكشف المغفر عنه ، فضربته ، فإذا رأس عمّار قال : فلم أر رجلا أبين ضلالة عندي منه ، إنه سمع من النبي صلىاللهعليهوسلم ما سمع ثم قتل عمارا قال : واستسقى أبو غادية فأتي بماء في زجاج فأبى أن يشرب فيها ، فأتي بماء في قدح فشرب ، فقال رجل على رأس الأمير قائم بالنّبطية : أوى يد كفتا يتورع من الشراب في زجاج ، ولم يتورع من قتل عمّار [٩٣٧٢].
قال : ونا ابن سعد (٨) ، أنا محمّد بن عمر وغيره ، قالوا : لما استلحم القتال بصفّين ، وكادوا (٩) يتفانون قال (١٠) معاوية : هذا يوم تفانى فيه العرب إلّا أن تدركهم فيه
__________________
(١) تقرأ بالأصل : عاربة ، والتصويب عن ابن سعد.
(٢) بالأصل : «أبو عبد الله» ثم شبطت لفظة الجلالة ، واستدرك على هامش الأصل : «الأعلى» وبعدها صح.
والمثبت عن طبقات ابن سعد.
(٣) المقطعات : القصار من الثياب ، الواحد ثوب ، ولا واحد له من لفظه ، أبو برود عليها وشي.
بالأصل : «الا» والمثبت عن ابن سعد.
(٤) الضرب بالفتح ، وروي عن الزمخشري الكسر أيضا ، وهو المثل والرجل الماضي الندب ، والخفيف اللحم ، والصنف من الشيء.
(٥) بالأصل : «الا» والمثبت عن ابن سعد.
(٦) تقرأ بالأصل : «حمانا» والمثبت عن ابن سعد.
(٧) كذا تقرأ بالأصل ، ومثلها في المختصر ، وفي ابن سعد : يستن.
(٨) الخبر في طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦١ ـ ٢٦٢.
(٩) بالأصل : وكانوا ، والمثبت عن ابن سعد.
(١٠) بالأصل : على ، والمثبت عن ابن سعد.