في الرقاع ، فقلت لأبي الحسن بعد سنين من موته : إنّي قد عزمت على أن أنقل الرقاع إلى الأجزاء وأرتبها على المسند ، فأذن لي في ذلك ، وقرأتها عليه في (١) كتابي ، ونقلها الناس من نسختي. قال أبو بكر البرقاني : وكنت أكثر ذكر الدار قطني والثناء عليه بحضرة أبي مسلم بن مهران الحافظ ، فقال لي أبو مسلم : أراك تفرط في وصفه بالحفظ ، فسله عن حديث الرضراض عن ابن مسعود ، فجئت إلى أبي الحسن فسألته عنه ، فقال : ليس هذا من مسائلك ، وإنّما قد وضعت عليه ، فقلت : نعم ، فقال : ومن الذي وضعك على هذه المسألة؟ فقلت : لا يمكنني أن أسميه ، فقال : لا أجيبك أو تذكره ، فأخبرته ، فأملى عليّ أبو الحسن حديث الرضراض (٢) باختلاف وجوهه ، وذكر خطأ البخاري فيه ، فألحقته بالعلل ونقلته إليها ، أو كما قال.
قال (٣) : وحدّثني الخلّال ، قال : كنت في مجلس بعض شيوخ الحديث ـ سمّاه الخلّال وأنسيته ـ وقد حضره أبو الحسين بن المظفر ، والقاضي أبو الحسن الجرّاحي ، وأبو الحسن الدار قطني وغيرهم من أهل الحديث (٤) ، فحلّت الصّلاة ، فكان الدار قطني إمام الجماعة ، وهناك شيوخ أكبر أسنانا منه ، فلم يقدم أحدا غيره ، قال الخلال : وغاب مستملي أبي الحسن الدّار قطني في بعض مجالسه ، فاستمليت عليه ، فروى حديث عائشة أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمرها أن تقول : «اللهم إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعف عني» ، فقلت : اللهم إنّك عفو وخففت الواو ؛ فأنكر ذلك وقال : عفوّ بتشديد الواو [٩١١٢].
قال (٥) : وحدّثني الصوري ، قال : سمعت رجاء بن محمّد الأنصناوي (٦) يقول : كنا عند الدار قطني يوما والقارئ يقرأ عليه وهو قائم يصلي نافلة ، فمرّ حديث فيه ذكر نسير بن ذعلوق فقال القارئ : بشير بن ذعلوق فقال الدار قطني : سبحان الله ، فقال
__________________
(١) في تاريخ بغداد : من كتابي.
(٢) الرضراض : الرجل الكثير اللحم.
جاء في النهاية : في مادة رضرض :
أن رجلا قال له : مررت بجبوب بدر ، فإذا برجل أبيض رضراض ، وإذا رجل أسود بيده مرزبة من حديد يضربه بها الضربة بعد الضربة ، فقال : ذاك أبو جهل.
(٣) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨.
(٤) في تاريخ بغداد : أهل العلم.
(٥) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨.
(٦) بالأصل : «الأنصناني» وفي تاريخ بغداد «الأنصاري» وقد مرّ «الأنصناوي» نسبة إلى أنصنا ، وهو ما أثبتناه.