فشجّعه رضياللهعنه الأمن من الأجل أنّه لا يأتيه قبل وقته ، فهذا أشرف وأقوى
من الذي ذكرناه عن معاوية ، وذلك أنّ اعتقاد هذا مشجّع في كلّ حين ، فالمرء به
شجاع أبدا مع أنه على حزم وحقّ ومعرفة بالعاقبة وعمل بما ينبغي.
وأمّا الخوف من
الذم فليس اعتقاده مستصحبا في كلّ موضع ، فربّما قرر المرء مرة أنه لا يدركه ذمّ ،
فإذا اعتقد ذلك صنع ما هو أحسن له في الحال وأيضا فإنّه لم يخل من خوف الموت
واستحباب الحياة ، واعتقاد هذا ضعف وإن كان قد فضّل السلامة من الذمّ على السلامة
من الموت ، وهو بعد ذلك كلّه تصنّع من أجل الناس لا من أجل نفسه والتصنّع للناس
ضعف ، وكانت شجاعة عليّ رضياللهعنه طبعا لا يتكلّف.
قيل له : أتقتل
أهل الشّام بالغداة وتظهر بالعشيّ في إزار ورداء؟! فقال : بالموت تخوّفوني!! والله
ما أبالي سقطت على الموت أو سقط الموت عليّ . وقال عنترة :
بكرت تخوّفني
الحتوف كأنني
|
|
أصبحت عن غرض
الحتوف بمعزل
|
فأجبتها إنّ
المنيّة منهل
|
|
لا بدّ أسقى
بكأس المنهل
|
فاقني حياءك لا
أبالك واعلمي
|
|
أنّي امرؤ ساموت
إن لم أقتل
|
__________________