موسى إلى الوليد بن عبد الملك فهذا ما يتأتّى على الملوك من لزومهم مكانا واحدا في الحرب.
واعلم (١) أنّ القدماء قالوا : للكثرة الرعب ، وللقلّة النصر. قال [س ٩٥] الله العظيم (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً ، وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)(٢) فالكثرة أبدا يصحبها الإعجاب ومع الإعجاب الهلاك.
قال النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خير الأصحاب أربعة ، وخير الطلائع أربعون ، وخير السرايا أربعمئة ، وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن يغلب جيش يبلغون اثني عشر ألفا من قلّة إذا اجتمعت كلمتهم (٣).
سأل سليمان بن عبد الملك (٤) موسى بن نصير حين قدم من الأندلس فقال : أيّ الأمم كانوا أشدّ قتالا لك؟
قال : هم أكثر من أن أصفهم لك
قال : فأخبرني عن الرّوم (٥)
__________________
(١) النقل من سراج الملوك ٢ : ٦٩٨.
(٢) سورة التوبة ٩ / ٢٥.
(٣) في كتاب شرح السير الكبير ١ : ٦٧ عن ابن عباس ، وآخره : إذا كانت كلمتهم واحدة وفي سنن الترمذي : ٢٠٩ ، ٢٧٩ تح إبراهيم عطوة عوض. وفي عيون الأخبار ١ : ١١١ وقد ذكره صاحب سراج الملوك دون أن ينسبه إلى النبي (صلىاللهعليهوسلم) ٢ : ٦٩٨.
(٤) سليمان بن عبد الملك ٥٤ ـ ٩٩ ه ـ ٦٧٤ ـ ٧١٧ م : سليمان بن عبد الملك بن مروان ، أبو أيوب ، الخليفة الأموي ، ولد في دمشق وولي الخلافة ، يوم وفاة أخيه الوليد سنة ٩٦ ه وكان بالرملة ، ولم يتخلّف عن مبايعته أحد كان عاقلا فصيحا طموحا إلى الفتح. وفي عهده فتحت جرجان وطبرستان. جهز جيشا وأرسله إلى القسطنطينية بقيادة أخيه مسلمة. توفي في (دابق) بين حلب والمعرّة. خلافته سنتان وثمانية أشهر إلا أياما عن الأعلام ٣ : ١٣٠.
(٥) الروم : الإسبان ، والإفرنج : الفرنسيون وسائر الأوروبيين.