صف لنا الحرب. قال : مرّة المذاق إذا شمّرت عن ساق ، من صبر فيها عرف ، ومن نكل عنها تلف ، ثم أنشأ يقول :
الحرب أوّل ما تكون فتيّة |
|
تسعى بزينتها لكلّ جهول |
حتّى إذا حميت وشبّ ضرامها |
|
عادت عجوزا غير ذات حليل |
شمطاء جزّت رأسها وتنكّرت |
|
مكروهة للشمّ والتّقبيل (١) |
وقالوا : الحرب أوّلها الكلام وآخرها الحمام.
قال نصر بن سيّار (٢) صاحب خراسان في كتابه إلى مروان بن محمّد الجعديّ لمّا ظهرت الدعوة بخراسان يصف الحرب ومبتدأ أمرها :
أرى خلل الرّماد وميض جمر |
|
فيوشك أن يكون له ضرام |
فإنّ النار بالعودين تذكى |
|
وإنّ الحرب أوّلها الكلام |
فقلت من التعجب ليت شعري |
|
أأيقاظ أميّة أم نيام |
فوقع التغافل والتّهاون من مروان وكان منه ما كان (٣).
__________________
(١) الخبر مع الشعر في عيون الأخبار ١ : ١٢٧ والعقد ١ : ٩٣ ، ٩٤ والشعر في سراج الملوك ٢ : ٦٨٩ ـ ٦٩٠ وتنسب لامرئ القيس ولعمرو بن معدي كرب. وورد في ديوان امرئ القيس بشرح السكري ٢ : ٧٣١.
(٢) نصر بن سيّار ٤٦ ـ ١٣١ ه ـ ٦٦٦ ـ ٧٤٨ م : نصر بن سيّار بن رافع بن حرّي بن ربيعة الكناني ، أمير من الدهاة الشجعان كان شيخ مضر بخراسان ، وولي بلخ ثم ولي إمرة خراسان سنة ١٢٠ ه وغزا بلاد ما وراء النهر ، ففتح حصونا وغنم مغانم كثيرة وأقام بمرو ، وقويت الدعوة العباسية في أيّامه ، فحذر بني أمية بالشام فلم يأبهوا للخطر ، فلما خرج أبو مسلم خرج نصر من مرو ، وأصبح يتنقل من مكان إلى آخر ينتظر النجدة ومات بساوة. عن الأعلام ٨ : ٢٣.
(٣) الخبر مع الشعر في عيون الأخبار ١ : ١٢٨ والعقد ١ : ٩٤ وسراج الملوك ١ / ٢٣٠.