أنزل. فقال : ما أنت بنازل ولا أنا براكب. إنّي احتسبت خطاي هذه في سبيل الله ، ثم قال : إنّك [س ٥١] ستجد قوما حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حبسوا أنفسهم له ، ـ يعني الرهبان ـ وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم ، فاضرب ما فحصوا عنه بالسّيف.
ثم قال له : إنّي أوصيك بعشر :
لا تقتلنّ امرأة ولا هرما ولا وليدا ولا تقطعنّ شجرا مثمرا ولا تعقرنّ شاة ولا بعيرا إلّا ما أكلتم ولا تحرقنّ نخلا ولا تخربنّ عامرا ولا تغلّ ولا تجبن (١).
وقال أبو بكر رضياللهعنه لخالد بن الوليد (٢) وقد وجّهه لحرب (٣) :
سر على بركة الله ، وإذا دخلت أرض العدوّ فكن بعيدا من الحملة فإنّي لا آمن عليك الجولة ، واستظهر بالزّاد ، وسر بالأدلّاء ، ولا تقاتل بمجروح
__________________
(١) وصية أبي بكر في العقد الفريد ١ : ١٢٨ ، ١٢٩ وآخرها ولا تبخس بدلا من ولا تجبن.
(٢) خالد بن الوليد (ت ٢١ ه ٦٤٢ م) : ابن المغيرة المخزومي القرشي سيف الله ، الفاتح الكبير ، الصحابي ، كان من أشراف قريش في الجاهلية ، يلي أعنة الخيل ، وشهد مع مشركيهم حروب الإسلام بل عمرة الحديبية ، وأسلم قبل الفتح (فتح مكة) هو وعمرو بن العاص سنة ٧ ه ، فسرّ به رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) وولاه الخيل ، ولما ولي أبو بكر وجّهه لقتال مسيلمة ، ومن ارتد من أعراب نجد ، ثم سيّره إلى العراق سنة ١٢ ه ففتح الحيرة وجانبا عظيما منه ، وحوّله إلى الشام وجعله أمير من فيها من الأمراء ولما ولي عمر عزله عن قيادة الجيوش بالشام وولّى أبا عبيدة بن الجراح ، فلم يثن ذلك من عزمه ، واستمر يقاتل بين يدي أبي عبيدة إلى أن تمّ لهما الفتح سنة ١٤ ه فدعاه عمر ليوليه فأبى ومات بحمص في سورية. كان مظفرا خطيبا فصيحا يشبه عمر بن الخطاب في خلقه وصفاته ، قال أبو بكر : عجزت النساء أن يلدن مثل خالد. روى له المحدثّون ١٨ حديثا وأخباره كثيرة. الأعلام ٢ : ٣٠٠.
(٣) في العقد ١ : ١٢٩ : حين وجهه لقتال أهل الردة.