لا يجوز لمسلم بوجه ، وفيه معرّة الحال وسوء مظنّة المآل والله يعصم مما يصم. ولم ير مالك ـ رحمهالله ـ ما جاء عن عمر رضياللهعنه من التحيّز إليه في قوله : أنا فئة لكلّ مسلم وقال : الأحبّ أن لا يتحرّفوا إلى فئتهم إلّا عن خوف الهلكة وقاله عبد الملك.
قال ابن الموّاز : وإنما الانحياز إلى أولى جيشه الأعظم الذي دخل معه ، وربّما كانت سريّة دون سريّة فتنحاز المقدمة إلى التي خلفها ثم ينحازوا عن أكثر من مثليهم إلى فئتهم حتّى يبلغ الانحياز إلى الجيش الأعظم وواليهم الأكبر.
وأمّا الانحياز عن المثلين وفي الغلبة طمع فلا يجوز ، ولا يمكن لأمير الجيش ما يكون للسرايا من الانحراف والتولّي ، ولهم الثبوت لأكثر من المثلين بأضعاف كثيرة.
قيل لمالك : فإن علموا أنهم مقتولون إن ثبتوا؟ قال : أحبّ إليّ / [م ٤٦] أن ينصرفوا إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا ، وإن لم يجدوا فلهم أن يقاتلوا حتّى يقتلوا ، فمن احتسب نفسه على الله فهو الشهيد ، ومن ثبت حتى قتل وهو يجد منصرفا وقد علم أنّه إن ثبت قتل فيرجى له أفضل الشهادة وإنّما هي لمن أيقن بالموت قبل أن يموت فاحتسب نفسه وآثر لقاء الله ، كما فعل الرجل الذي كانت بيده تمرات يأكلهنّ فقال : ما بيني وبين الجنّة إلا هذه التمرات ، فرمى بها من يده وقاتل حتى قتل (١).
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثلاثة يحبّهم الله حبا
__________________
(١) هو عمير بن الحمام في غزوة بدر. انظر السيرة النبوية ١ : ٤٥٩.